کشف الغطاء عن وجوه مراسم الاهتداء

محمد حسن بن معصوم القزوینی؛ تحقیق: محسن الاحمدی

نسخه متنی -صفحه : 648/ 484
نمايش فراداده

والاضطراب لم يكن عليه التمسّك بهامطلقاً، فإنّ مثل هذا يحفظه وكيله ويصلحأموره كفيله ويشهد له ما حكي من فعل الكمّللذلك، وإن لم تغب عنه، لكن مع اعتقاد جازمبعدم استناد التأثير إليها، بل إلى اللهفلا يجوز له الإعراض عنها وإلقاء نفسه فيالمهالك لأجلها.

وأنا أقول: إذ تبيّن لك أن من عادته تعالىوسنّته التي لاتجد لها تبديلاً تفريعالمسبّبات على الأسباب، وعدم حصولها الابها لزمه (1) التأسّي بسنّته تعالى فيإجرائها منها ولم يجز الفضول في مثل ذلكاعتماداً على توكّله.

وينبّه عليه ما في الخبرين السابقين،فليست لأحد قوّة اليقين كما للأنبياءوالرسل المقرّبين، والمستحسن المطلوب منههو القدر المشترك بين القسمين من عدمالاعتماد فيها الا عليه تعالى، وهو حاصلبالفرض، فلا حاجة إلى التخلّف عمّا جرت بهعادة الله وترك التأدّب بأدب الشارع ومااقتضته الحكمة المحضة والمصلحة الأزليّةمن ارتباط المسبّبات بالأسباب.

وأمّا فعل الكمّل لما يوهم خلافه فله جهةأخرى، وهي أنّ النفس إذا كملت بالارتياضحصلت لها قوّة وقدرة على تسخير الكائناتكما عرفت مراراً، فهو اعتماد منهم علىحصول الأسباب لهم على كلّ حال لعدمانحصارها فيما نظنّه أسباباً أو نقطع بهوعدم اكتفائنا بذلك لعدم قدرتنا على سائرالأسباب ولا عليها في غير الوقت الذي جرتالعادة بحصولها، هكذا يليق أن يفهم هذاالمقام فافهمه، فإنّه من مزالق الأقدام.

ثم قيل (2): إنّ الاكتفاء بالاسباب الخفيّةمن الجليّة كالمسافرة في البوادي التيلايطرقها الناس الا نادراً، ليس كالإعراضعنها مطلقاً في كونه جنوناً محضاً علىماأشير إليه وحراماً صرفاً على ماثبت منالشرع، بل الحريّ فيه التفصيل بأن المكتفيبها أن راض نفسه بحيث تصبر وتطمئنّ مع

(1) كذا في النسخ، وفي هامش «ج»: «فاللازمهو التأسي».

(2) هذا كلام أبي حامد، راجع المحجّةالبيضاء: 7/414 ـ 416.