وإذا كان الأمر كذلك، فلنعد إلى المثالالأول لزوجات النبي صلّى اله عليه وآلهوسلّم وهي عائشة التي بلغت من المرتبةالسّامية والمكانة العالية والشهرةالكبيرة ما لم تبلغه أيّة زوجة أخرى للنبيصلّى الله عليه وآله وسلّم، لا ولا حتّى لوجمعنا فضائلهنّ بأجمعهنّ ما بلغنَ عشرمعشار عائشة بنت أبي بكر، هذا ما يقوله أهلالسنة فيها والذين يعتبرون أنّ نصف الدّينيؤخذ عنها وحدها.
وإذا ما تجرّدنا للحقيقة بدون تعصّب ولاانحياز، فهل من المعقول أن يحكم العقلبأنها مطهّرة من الذنوب والمعاصي؟ أم أنّالله سبحانه رفع عنها حصانته المنيعة بعدموت زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآلهوسلّم؟ فلننظر معاً إلى الواقع.
وإذا ما بحثنا حياتها مع زوجها رسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم، وجدنا الكثيرمن الذنوب والمعاصي فكانت كثيراً ما تتآمرمع حفصة على النبي حتّى اضطرّته إلى تحريمما أحل الله له كما جاء ذلك في البخاريومسلم وتظاهرتا عليه أيضاً كما أثبت ذلككل الصحاح وكتب التفسير وقد ذكر اللهالحادثتين في كتابه العزيز.
كما كانت الغيرة تسيطر على قلبها وعقلهافتتصرف بحضرة النبي تصرّفاً بغير احترامولا أدب، فمرّة قالت للنبي صلّى الله عليهوآله وسلّم عندما ذكر عندها خديجة: ماليولخديجة إنها عجوز حمراء الشدقين أبدلكالله خيراً منها، فغضب لذلك رسول اللهصلّى الله عليه وآله وسلّم حتى اهتزّشعره(1) ومرّة اُخرى بعث إحدى أمهاتالمؤمنين للنبي (وكان في بيتها) بصحفة فيهاطعام كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّميشتهيه، فكسّرت الصحفة أمامه بطعامها(2)وقالت للنبي مرة أخرى: أنت
(1) صحيح البخاري: 4/231 باب تزويج النبي صلّىالله عليه وآله وسلّم خديجة وكذلك صحيحمسلم. (2) صحيح البخاري: 6/157 في باب الغيرة.