لعله لا حاجة بنا إلى أن نقول إن المقصودبالقلب في المصطلح الأدبي والديني ليس ذاكالعضو العضلي الذي يقع في الطرف الايسر منالجسم ويضخ الدم كالمضخة في العروق.
ففي قول القرآن: (إنّ في ذلك لذكري لمن كانله قلب).(1)
أو ما جاء في هذا التعبير الأدبي اللطيفلحافظ:
يتضح إن المقصود من القلب شيء سام ورفيع،يختلف عن عضو الجسم هذا كل الاختلاف.
وإن أصابه المرض أيضا (في قلوبهم مرضفزادهم الله مرضا).(3)
إلاّ ان معالجة هذه الأمراض ليست مناختصاص أطباء القلب.
وإذا كان ثمة طبيب يعالجها، فذاك هوالطبيب المختص بالأمراض الروحية.
إذن ما المقصود بالقلب؟ علينا أن نبحث عنجواب هذا السؤال في حقيقة وجود الإنسان.
فعلى الرغم من إن الإنسان كائن فردواحد.فإن له مئات الأبعاد، بل آلافها. فالـ(أنا) انسان يتألف من العديد من الأفكاروالآمال.ومن الخوف والرجاء والحب، الخ..وكل هذه الأفكار أشبه ما تكون بالأنهروالنهيرات التي تلتقي في مركز واحد.وهذاالمركز نفسه بحر عميق، لم يدّع أحد منالبشر بعد أنه قد سبر أعماقه وعرف كنهه.علىالرغم من أن الفلاسفة، والروحانيين،وعلماء النفس، قد وصل كل منهم إلى كشف بعضأسراره.ولكن الظاهر إن الروحانيين، كانواأكثر توفيقا من غيرهم.فالذي يسميه القرآنبالقلب هو في الحقيقة ذلك البحر، وإن مانسميه نحن بالروح إن هو إلا الأنهر،والروافد، التي تتصل بهذا البحر.
(1). سورة ق: 37. (2).
(3). سورة بقرة: 10.