قوله تعالى: (أطلع الغيب) ألفه ألف أستفهام لمجئ " أم " بعدها ومعناه التوبيخ وأصله أاطلع فحذفت الالف الثانية لانها ألف وصل فإن قيل فهلا أتوا بمدة بعد الالف فقالوا أطلع كما قالوا " الله خير " (1) " آلذكرين حرم " (2) قيل له كان الاصل في هذا " أالله " " أالذكرين " فأبدلوا من الالف الثانية مدة ليفرقوا بين الاستفهام والخبر وذلك أنهم لو قالوا: الله خير بلا مد لالتبس الاستفهام بالخبر ولم يحتاجوا إلى هذه المدة في قوله: " أطلع " لان ألف الاستفهام مفتوحة وألف الخبر مكسورة وذلك أنك تقول في الاستفهام: أطلع ؟ أفترى ؟ أصطفى ؟ أستغفرت ؟ بفتح الالف، وتقول في الخبر: إطلع، إفترى، إصطفى، إستغفرت لهم بالكسر، فجعلوا الفرق بالفتح والكسر ولم يحتاجوا إلى فرق آخر قوله تعالى: (كلا) ليس في النصف (3) الاول ذكر " كلا " وإنما جاء ذكره في النصف الثاني. وهو يكون بمعنيين: أحدهما بمعنى حقا. والثاني بمعنى لا. فإذا كانت بمعنى حقا جاز الوقف على ما قبله ثم تبتدئ " كلا " أي حقا. وإذا كانت بمعنى لا كان الوقف على " كلا " جائز كما في هذه الآية لان المعنى: لا ليس الامر كذا. ويجوز أن تقف على قوله " عهدا " وتبتدئ " كلا " أي حقا " سنكتب ما يقول " وكذا قوله تعالى: " لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا " (4) [ المؤمنون: 100 ] يجوز الوقف على " كلا " وعلى " تركت ". وقوله: " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون (5). قال كلا " الوقف على " كلا " لان المعنى لا - وليس الامر كما تظن. " فاذهبا ". فليس للحق في هذا المعنى موضع. وقال الفراء " كلا " بمنزلة سوف لانها صلة وهي حرف رد فكأنها " نعم " و " لا " في الاكتفاء. قال: وإن جعلتها صلة لما بعدها لم تقف عليها كقولك: كلا ورب الكعبة، لا تقف على كلا لانها بمنزلة إي ورب الكعبة. قال الله تعالى " كلا والقمر " (6) [ المدثر: 32 ] فالوقف على " كلا " قبيح لانه صلة لليمين. وكان أبو جعفر محمد بن سعدان يقول في " كلا " مثل قول الفراء وقال الاخفش معنى
(1) راجع ج 13 ص 219 فما بعد. (2) راجع ج 7 ص 113. (3) أي من القرآن قال الالوسى: (وهذا أول موضع فيه من القرآن وقد تكرر في النصف الاخير فوقع في ثلاثة وثلاثين موضعا). (4) راجع ج 12 ص 149 فما بعد. (5) راجع ج 13 ص 91. (6) راجع ج 19 ص 82. (*)
kGreen">