مأساة الزهراء، شبهات... و ردود

السید جعفر مرتضی العاملی

جلد 1 -صفحه : 362/ 195
نمايش فراداده

فشكرهم له لكونه قد ضرب امرأة، هى الزهراء عليهاالسلام، سيدة نساءالعالمين، هو الآخر عار عليهم، و هو يدينهم، و يهتك الحجاب عن خفى نواياهم، و عن دخائلهم. و يظهر انهم لا يهتمون لهذا العار و لا لغضب الله و رسوله (ص)، بسبب غضب الزهراء (ع)، اذا وجد لديهم داع اقوى، و لا سيما اذا كان هو تحقيق شهوة هى بمستوى حكم العالم الاسلامى باسره، و الحصول على مقام خلافة النبوة، و هو مقام له قداسته و خطره بنظر الناس.

و ذلك يبطل ايضا دعوى البعض: انهم كانوا يجلون فاطمة و يحترمونها و يسعون لرضاها، و ما الى ذلك.

و اما استرضاؤهم لها، فسياتى انه كان مناورة سياسية، فاشلة و غير مقبولة..

قبول الناس بضرب الزهراء:

اما بالنسبة الى قول المستدل:

ان الناس لن يوافقوا على التعرض للزهراء (ع) بسوء او اذى.

فاننا نقول:

اولا: لو صح ان الناس سوف يواجهونهم لو ارادوا بالزهراء (ع) سوءا، فان محاولتهم احراق الباب، و جمعهم الحطب، قد كان يجرى بمراى من الناس، و قد امتلات شوارع المدينة بالناس، كما جاء فى بعض النصوص، فلماذا لم يتدخل احد لمنعهم من ذلك؟!

و ثانيا: حين قال فلان للنبى (ص) لما طلب الدواة و الكتف ليكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده: ان النبى ليهجر. لماذا لم يجد احدا يعترض عليه، و يدينه، او يلومه، او يواجهه بما يكره، او حتى من يعبس فى وجهه؟!

الم يكن النبى (ص) اعظم و اقدس فى نفوس الناس من الزهراء (ع)، و من على عليه السلام، و من كل احد؟!.

و ثالثا: لو قبلنا بان الناس لا يوافقونهم على ذلك، لكن هل كان بوسع الناس و بمقدورهم الانكار على الحكام الجدد، الذين بداوا حياتهم السياسية بالعنف و اقاموا حكمهم بقوة السيف؟!.. الم يكن الناس مغلوبين على امرهم؟!.

احتجاج الزهراء بما جرى!

و اما بالنسبة للاحتجاج على القوم بما اقترفوه فى حق الزهراء عليهاالسلام فاننا نقول:

اولا: انه لا تصح مقولة: ان عدم الاحتجاج تلازم عدم وقوع الحدث؛ اذ ان الحدث يقع ثم تحصل موانع من ممارسة الاحتجاج به

احيانا، و بعبارة اخرى اذا حدث امر، و شهده الناس و عاينوه، و تحققوه بانفسهم، فلا تبقى ثمة حاجة الى ذكره، و لا فائدة من الاخبار به، و لا سيما لمقترف ذلك الجرم نفسه، الا اذا كان ثمة ضرورة اخرى كالزامه بالامر او ما شاكل.

ثانيا: قد ذكرنا انها عليهاالسلام لو جعلت هذا الامر محور اعتراضها على الغاصبين للخلافة، فانها تكون قد وقعت فى محذور تضييع القضية المحورية الكبرى، و هى قضية الخلافة؛ لانهم سوف يتمكنون من ان يصوروا للناس: ان النزاع معها (ع) نزاع شخصى على امور صغيره، و لن يعود نزاعا على الدين، او على من هو احق بالخلافة، او على مصلحة الامة.

و اذا صارت المسالة شخصية، فان الواجب يفرض على الزهراء (ع) العفو عن المسيئين، حين جاؤا اليها، و طلبوا العفو منها، لان العفو فى الامور الشخصية مما يفرضه الخلق الانسانى و الاسلامى، و قد قال الله تعالى: (خذ العفو و امر بالعرف، و اعرض عن الجاهلين)،

سورة الاعراف: 199.