( 41 )
يكونوا حجارة أو حديداً أو شيئاً ممّا يتصورّون أن تبديله إلى إنسانٍ أبعد وأصعب من تبديل الرفات أو التراب إليه ، فليكونوا ماشاءوا ، فإنّ الله تعالى سيعيد إليهم خلقهم الأول بعد بعثهم ، وفي ذلك إشارة إلى أن القدرة الإلهية المطلقة لا يشقّها شيء تريد تجديد خلقه ، سواء أكان عظاماً أو رفاتاً أو حجارةً أو حديداً أو غير ذلك(1).
ثالثاً : برهان الحكمة إن الله تعالى حكيم في أفعاله ، وكلّ ما يصدر منه جلَّ وعلا في عالمي التكوين والتشريع يخضع لمبدأ الحكمة والهادفية ، فالمنظومة الكونية في نظامها العجيب تسير بكل جزئياتها وفق حركة هادفة ، وتتّجه صوب نهاية مرسومة بدقة وإحكام ، وكذلك تخضع المفردات التشريعية في وجودها وحركتها وتفاعلها إلى مبدأ الحكمة الإلهية والغاية الحكيمة التي تتجافى عن العبث واللغو والباطل ، قال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لأ تُرْجَعُونَ )
(2) ، وقال تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّماءَ وَالاََْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِين كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) (3)
وقال تعالى ( أَيَحْسَبُ الاِِْنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدىً ) (4).
ويمكن صياغة صورة هذا البرهان على شكل قياس ، يتركب من
1) اُنظر : الميزان / الطباطبائي 13 : 116. 2) سورة المؤمنون : 23/115. 3) سورة ص : 38/27. 4) سورة القيامة : 75/36.