( 54 )
الاُخرى(1).
وتلك مسألة ذات علاقة بخلود الروح ، وهي من أكبر المسائل الفلسفية التي تنازعتها الفلسفات المتضاربة بالايجاب والسلب قروناً متمادية ، لأنها أعلق المسائل وأمسّها بقلب الانسان ، وأكثرها علاقة بشأنه ، إذ هي مُطْمَأنّ آماله عندما ينقطع عن عالم الحسّ. وكان النزاع على أشدّه بين الماديين المنكرين لخلود الروح ، وبين القائلين بتجرد الروح وخلودها ، وفي ما يلي نذكر طرفاً من مقالات المذهبين وبعض أدلتهم :
1 ـ الماديون : اختلفت أقوال الماديين في محل الروح من الجسد وفي أقسامها ، ولهم مذاهب مختلفة في ذلك(2) ، لكنهم جميعاً اعتبروا الانسان هو هذا الهيكل المحسوس ، وليس ثمة وجود مستقل عن المادة يسمّى بالروح ، بل هي من خواص الجسد ، وتخضع لجميع القوانين التي تحكمه ، ومجموع ظواهر الشعور والعقل والارادة والفكر ، ما هي إلاّ وظائف عضوية مثلها كمثل جميع الوضائف البدنية الاُخرى ، وكذا الآثار الفكرية والمعرفية عندهم ماهي إلاّ نتائج وآثار فيزيائية وكيميائية للخلايا العصبية والعقلية ، وجميع تلك الآثار والنشاطات الروحة تظهر بعد ظهور العقل والجهاز العصبي ، وتموت بموت الجسد ، فإذا مات الانسان بطلت شخصيته ، واندثر بدنه ، وزال معه كلّ ما بلغه من محصول عقلي وارتقاء نفسي وكمال روحي (3).
1) تفسير الميزان / الطباطبائي 1 : 350. 2) راجع : بحار الأنوار 61 : 73 ـ 77 عن شرح المواقف والصحائف الالهية. 3) راجع : دائرة معارف القرن العشرين / وجدي 4 : 330 ، الأدلة الجلية في شرح الفصول النصيرية / عبدالله نعمة : 178.