( 55 )
وتجاهلت الفلسفة المادية الحديثة كل الخصائص والآثار الروحية التي لا تخضع لقانون المادّة ، وأعلنت أن الروح ومظاهرها من الشعور والعلم لا وجود لها كوحدة متميزة عن جسم الانسان المادي ، وإنّما هي في ذاتها وظيفة له ونتيجة لعلاقته بالعالم الخارجي ، وأن الأفكار والأماني لا توجد إلاّ من خلال عملية مادية ، كحصول الحرارة نتيجة احتكاك قطعتين من الحديد مثلاً ، وأن جميع الخصائص التي يتمتع بها الانسان ما هي الا نتيجة لردّة فعل للعالم الخارجي ، على نحو ما قاله ( بافلوف ) في نظريته حول ( الفعل المنعكس الشرطي ) ، وأن الوعي بمختلف مظاهره ليس إلاّ نتاج مادة عالية التنظيم ، أي نشاط الدماغ ووظيفته.
وقالوا : إن المادية الجدلية ترفض تصوّر أن الروح شيء قائم في استقلال عن المادة ، فما هو روحي هو وظيفة المادة في أعلى أشكالها العضوية نتيجة النشاط العملي والاجتماعي(1).
وتمسّك الماديون في الدلالة على مذهبهم القائم على إنكار الروح ، بجملة افتراضات غارقة في الغموض وتفسيرات واهية لا تملك أدنى رصيدٍ من الإثبات(2).
2 ـ القائلون بالتجرد : كانت غالب الاُمم القديمة تعتقد بوجود الروح وخلودها ، كالهنود والمصريين وأهل الصين وفارس واليونان وفلاسفتهم
1) الأدلة الجلية في شرح الفصول النصيرية / عبدالله نعمة : 184 ـ 185. 2) راجع : تفسير الرازي 21 : 52 ـ 53 ، تفسير الميزان / الطباطبائي 1 : 365 ـ 370 ، دائرة معارف القرن العشرين / وجدي 4 : 332 ، التفسير الأمثل 9 : 105 ـ 107 ـ مؤسسة البعثة ـ بيروت.