دعاء، حقیقته ـ آدابه ـ آثاره

مرکز الرسالة

نسخه متنی -صفحه : 107/ 2
نمايش فراداده

( 5 )

مقدمة المركز

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين..

وبعد : " إنّ الدعاء مخُّ العبادة ، ولا يهلك مع الدعاء أحد ".

بهذا البيان الوجيز يجمع الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم قيمة الدعاء وأثره في الحياة.. فإذا كان الله تعالى قد قال : ( وما خلقتُ الجنّ والاِنس إلاّ ليعبدون ) فإنّ الدعاء مخُّ العبادة وجوهرها ، الذي جعله القرآن الكريم في نصّ آخر مرادفاً للعبادة : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إنّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) ، فجعل الدعاء هنا ممثلاً للعبادة ومترجماً لها .

قال الاِمام الصادق (عليه السلام) : " إنّ الدعاء هو العبادة " ثم تلا هذه الآية الكريمة التي تعبر عن هذا المعنى ، وقال : " هي والله العبادة ، هي والله العبادة" يريد الدعاء..

ومن ناحية اُخرى تعطي هذه الآية الكريمة صورة الدعاء المقابلة لصورة الاستكبار.. صورتان متضادتان ، تعكس الاُولى خصائص العابد العارف بحق ربه تعالى شأنه والعارف بحقيقته عبداً لله ، وبقيمة صلته بخالقه ومولاه ، فيما تعكس الثانية ، ملامح عاصٍ عنيد جافٍ بعيدٍ عن إدراك كل تلك المعاني الاُولى.. ليعود بنا هذا المشهد إلى تصديق دلالة الدعاء على العبادة ، وكون محلّه منها محل المخّ واللبّ والجوهر والمعنى .

وهذا هو الذي يفسّر لنا النصوص المعصومة التي تفيد بأنّ أفضل العبادة هو الدعاء.. ذلك أن غاية العبادة هي التقرب إلى الله تعالى بمعرفة حقه