( 55)
عبدَاللّهِ قُمْ عافاكَ اللّهُ إِلى أَهلِكَ فإِنّه لا يَصلحُ لكَ الجلوسُ على بابي ، ولا أُحِلُّه لكَ .
فقامَ وقالَ : يا أَمةَ اللهِّ ما لي في هذا المِصر منزلٌ ولا عشيرةٌ ، فهل لكِ في (1) اجرٍ ومعروفٍ ، لعلِّي مُكافئًكِ بعدَ اليوم ، فقالتْ : يا عبدَاللّهِ وما ذاكَ ؟ قالَ : أَنا مسلمُ بنُ عقيلٍ كَذَبَني هؤَلاءِ القومُ وغَرُّوني وأَخرجوني ؟ قالتْ : أَنتَ مسلمٌ ؟ قالَ : نعم ؛ قالتْ : ادخُلْ ، فدخلَ بيتاً في دارِها غيرِ البيتِ الّذي تكونُ فيه ، وفرشتْ له وعرضتْ عليه العَشاءَ فلم يَتَعَش .
ولم يكنْ بأَسرعَ أَن جاءَ ابنها، فرآها تُكثِرُ الدُّخولَ في البيتِ والخروجَ منه ، فقالَ لها: واللّهِ إِنّه لَيَرِيبُني كثرةُ دخولكِ هذا البيتَ منذُ الليلةِ وخروجِكِ منه ؛ إِنّ لكِ لَشأناً؛ قالتْ : يا بُنَيَّ الْه عن هذا؛ قالَ : واللهّ لَتخبرينني (2)؛ قالتْ : أَقبلْ على شأْنِكَ ولا تسأَلنْي عن شيءٍ ، فَألح عليها فقالتْ : يا بُنَيّ لاَ تُخْبرَنَ أَحدآً منَ النّاسِ بشيءٍ مما أُخبركُ به ؛ قالَ : نعم ، فأَخذتْ عليه اَلأَيمانَ فحلفَ لها، فأَخبرتْه فاضطجعَ وسكتَ .
ولمّا تفرّقَ النّاسُ عن مسلمِ بنِ عقيلٍ طالَ على ابنِ زيادٍ وجعلَ لا يَسمعُ لأَصحاب ابن عقيل صوتاً كما كانَ يَسمع قبلَ ذلكَ ؛ قال لأصحابه : أشرِفُوا فانظُرُوا ، هل تَرَوْنَ منهم أحداًَ؟ فأشرفوا فلم يَرَوْا أَحداً ، قالَ : فانظُرُوا لعلّهم تحتَ الظلالِ وقد كَمنوا لكم ،
(1) في هامش "ش" و"م ": الى.
(2) في هامش "ش" و"م " : لَتُخْبرنِّي .