( 61)
فصبَّ فيه ماءً فقالَ له : اشربْ ، فأخذَ كلما شَربَ امتلأ القدحُ دماً مِنْ فيه فلا يقدر أن يشربَ ، ففعلَ ذلكَ مرّةً ومرّتينِ ، فلمّا ذهبَ في الثّالثةِ ليشربَ سقطتْ ثَنِيَّتاه في القدحِ ، فقالَ : الحمدُ للّهِ ، لوكانَ لي مِنَ الرِّزقِ المقسوم شربتهُ .
* وخرجَ رسول ابَنِ زيادٍ فأمرَ بإِدخالهِ إِليه ، فلمّا دخلَ لم يستَمْ عليه بالأمرةِ، فقالَ له الحَرسِيُّ : ألا تُسلَمُ على الأميرِ؟ فقالَ : إِن كانَ يُريدُ قتلي فما سلامي عليه ؟ وِان كانَ لا يُريدُ قتلي لَيَكثُرَنَ سلامي عليه . فقال له ابنُ زيادٍ : لَعَمْري لَتُقْتَلَنَّ ؛ قالَ : كذلكَ ؟ قالَ : نعم ؛ قالَ : فدَعنْي أُوصِ (1) إِلى بعضِ قومي ؛ قالَ : افعلْ ، فنظرَ مسلمٌ إِلى جُلَسائه وفيهم عُمَرُ بن سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ فقالَ : يا عمر، إِنّ بيني وبينَكَ قرابةً، ولي إِليكَ حاجة، وقد يَجِبُ لي عليكَ نُجْحُ حاجتي وهي سِر؛ فامتنعَ عُمَرُ أن يَسمعَ منه ، فقالَ له عُبيدُاللّهِ :ِ لمَ تَمتنعُ أن تنظرَ في حاجةِ ابنِ عمِّكَ ؟ فقامَ معَه فجلسَ حيثُ يَنظرُ إِليهما ابنُ زيادٍ ، فقالَ له : إِنَ عليَّ ديناً بالكوفةِ استدنتُه منذُ قَدمتُ الكوفةَ سبعمائةِ دِرهمٍ " فاقْضِها عنِّي ، ِواذا قُتِلْتُ فاستوهِبْ جُثّتي من ابنِ زيادٍ فوارِها ، وابعثْ إِلى الحسينِ من يَرُدُّه ، فإِنِّي قد كتبتُ إِليه أُعْلِمُه أنّ النّاسَ معَه ، ولا أراه إلاّ مُقبلاًَ؟ فقالَ عُمَرُ لابنِ زيادٍ : أتَدري أيُّها الأميرُ ما قالَ لي ؟ إِنّه ذَكرَ كذا وكذا، فقالَ له ابنُ زيادٍ : إِنّه لا يَخونُكَ الأمين ولكنْ قد يؤتَمَنُ (2) الخائنٌ ! أمّا مالُكَ فهو لكَ ولسنا نَمْنَعُكَ أن تَصنعَ به ما أحببتَ ، وأمّا جُثّتًه فإِنّا لا نُبالي إِذا قتلْناه ما صُنِعَ بها، وأمّا حسينٌ فإِنْ هو لم يُرِدْنا لم
(1) في "ش " وهامش "م " : أوصي .
(2) في "م " وهامش "ش ": يُتمَن .