صدیقة فاطمة الزهراء(علیها السلام)

مؤسسه البلاغ

نسخه متنی -صفحه : 29/ 2
نمايش فراداده

الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام

-مؤسسة البلاغ-Imam Ali

بيت النبوة

في جزيرة العرب،في أرض البؤس و الجاهلية و الشقاء،عايشت العرب فترة من أشد فترات التاريخ ظلاما،و مرحلة من أكثر المراحل تأخرا و انحطاطا.

فالأرض جرداء جدباء،و القلوب قاسية متحجرة،و النفوس خائفة مضطربة،و الحياة بدوية قلقة،لا الخصب يعمر الأرض،و لا الإيمان يضي‏ء النفوس،و لا العلم يقود العقول،إذ لم ير في هذه الحقبة من حياة العرب،إلا أوثان تعبد،و غارات تشن،و دماء تسفك،و حرمات تهتك،فلا الحياة تحترم،و لا صوت المظلوم يسمع،و لا قلب الضعيف ينعم بالأمن.

و في غمرة هذا الضلال و الظلام،و تحت وطأة هذا اليأس و العذاب و الانحطاط،شاء الله بلطفه أن ينفخ في هذه الانسانية روح الحياة،و يهبها نعيم الأمن و الرخاء،و يخرجها من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان،فولد فيها محمد (ص) ،في بيت من أرفع بيوت العرب شأنا،و أعلاها مجدا،و أكثرها عزة و منعة،فكبر (ص) و ترعرع و شب،و شبت معه آمال الحياة كلها.

و ها هو محمد (ص) بن عبد الله في ريعان الشباب،و قمة الفتوة،و عنفوان الرجولة،إنه شاب من أكثر شباب قريش فتوة و جمالا،و أعلاها شرفا و نسبا،و هو بعد ذلك،يمتاز عن سائر شباب قريش بشرف نفسه،و كمال خلقه،و نضج شخصيته،فقد شاء الله أن يربيه و يعده،و يؤهله لحمل الرسالة،و الاضطلاع بتبليغ الأمانة،لقد أحيط (ص) برعاية إلهية خاصة،رسمت حياته وفق قدر رباني متناسب مع ما ينتظره من عظم المسؤولية،و ما يمكنه من حمل الرسالة،و نشر الدعوة :