الشريعة الاسلامية و القوانين الوضعية بمصر
لحضرة الاستاذ على على منصور
رئيس الدائرةالاولى بمحكمة القضاء الادارى لمجلس الدولة بمصر(1)
-6-
الشريعة الاسلامية و قوانين العقوبات الوضعية:
(الف) عقوبة الشريك في الجرم كعقوبة من ارتكبالجرم بنفسه:
تنص القوانين الوضعية على أنه من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها و حددت المشاركة اما بالتحريض أو المساعدة، و تقضى الشريعة الاسلامية بأصل عام: منقتل يقتل، و نصوص القرآن في ذلك جاءت عامة لما أسلفنا من حكمة، فبدأت عقوبة الشريك في صدر الاسلام محل اجتهاد لانعدام النص، ثم استقرت على ذلك قبل التشريعات الحديثة بزمنطويل، و ذلك أن علياً قضى في رجل فر من رجل يريد قتله فأمسكه له آخر حتى قتله و بقربه رجل ينظر اليهما و هو يقدر على تخليصه، و لكنه لم يفعل - قضى علىٌ في ذلك بأن يقتلالقاتل، و يحبس الممسك حتى يموت (الحبس المؤبد) و يعاقب الناظر، اذ من المصلحة حض أفراد الامة جميعاً على أن يكونوا قوامين بالقسط، و لما كانت المسألة محلا للاجتهادلانعدام النص، فقد رأى الامام مالك القصاص من الممسك لا حبسه فحسب، و علل ذلك بأنه ممالىء على القتل فكأنه قد باشره. ص 69 الفكر السامى.
ــــــــــ
(1)(رسالة الاسلام): السيد الجليل كاتب هذا البحث مندوب الان لمهمة قانونية كبرى لدى الحكومة الليبية، هو و صفوة من زملائه رجال القانون، نسأل الله لهم التوفيق و السداد.
/ صفحة 397/
و عندى أن الاشتراك في الجرائم و تحريه منصوص عليه في سورة المائده ((و لا تعاونوا على الاثم و العدوان و اتقوا الله ان الله شديد العقاب)) .
(ب) الاعذار المسقطة للجرم أو المعفية من العقاب أو المخففة له:
جعلت الشريعة الاسلامية بلوغ سن الرشد شرطاً لاحتمال التكاليف و المسئولية الجائية، فلايعتبر الصغير في نظرها مجرماً لانه غير مكلف، فالصغر من الاعذار المعفية من العقاب، و كذلك الجنون، و في الحديث الشريف: ((وقع القلم عن ثلاثة: الصبى حتى يكبر، و المجنونحتى يفيق، و النائم حتى يستيقظ)) و روى أبو ظيبان أنه شهد قضية امرأة زنت فأمر عمر برجمها، فردها على فسأله عمر: مالك قد رددت هذه، قال: أما سمعت رسول الله يقول: رفع القلم عنثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ و عن الصغير حيت يكبر، و عن المبتلى حتى يعقل، و هذه مبتلاة بني فلان. ولعنا قد شهدنا الكثير من الاخبار في أمريكا عن حوادث تقع من أشخاص نيام،حيث يقوم النائم و يمشى و يرتكب الحادث و هو في غير وعيه، و مثل هذا ينطبق عليه الحديث ((و لا جرم عليه)) و لما تتسع التشريعات الحديثة لمثل هذا كما اتسعت له الشريعةالاسلامية.
و روى ابن القيم في قضاء الجماعة ص 252، عن ابن حاطب أن غلمانا لابيه سرقوا ناقة لرجل من قريته، فأتى بهم عمر فأقروا، و بعد أن أمر بقطع أيديهم راجعنفسه فنظر فوجدهم جياعاً فأسقط عنهم اقامة الحد، و قضى على سيدهم بغرامة هي ضعف ثمن الناقة، و في هذا ما يؤكد نظرية مسئولية السيد عن أعمال خادمه، ثم النظرة الواجبة لسارقالجوع، و عبارة عمر التي أنب بها سيد الغلمان حاطب بن بلتعة ((انكم تستعملونهم و تجيعونهم حتى أن أحدهم لو أكل مما حرم عليه حل له، و ايم الله اذ لم أقطع أيديهم لاغرمنكغرامة توجعك)) .
(ج) الاثبات في الجرائم:
كما تشددت الشريعة الاسلامية في العقوبات، وحدت لبعض الجرائم الحدود بغية الزجر و الردع والتخويف، تشددتأيضاً في طرائق الاثبات، و تكاد الحدود لا تثبت الا بالاعتراف و الاقرار، و في حديث عائشة ادرءوا الحدود
/ صفحة 398/
بالشبهات ما استطعتم، فإن وجدتمللمسلم مخرجاً فخلوا سبيله، فإن الامام لان يخطىء في العفو خير له من يخطىء في العقوبة، و قال عمر: لان أعطل الحدود في الشبهات خير من أن أقيمها (ص 91 الخراج).
(د)لا يهدر دم في الاسلام - القسامة: -
كثيراً ما يحدث في زماننا بمصر، و في جميع البلاد ألا يعرف القاتل، فيهدر دم القتيل، أما الشريعة الاسلامية فقد جعلت ديةقتله في بيت المال، أى من خزانة الدولة، و يمكن تأصيل سبب هذه القسامة الى أن الدولة مسئولة عن صيانة الامن و المحافظة على الانفس و الاموال، و هذا مثل رائع لما لم تبلغهالشرائع الحديثة من أحكام الشريعة الاسلامية، فالدية على القاتل أو على القرية أو على الدولة لوجوب تقسيم المغارم على الجماعة عند عدم معرفة الفاعل.
و قصةفرتونة السوداء معروفة حيث كتبت الى عمر بن عبدالعزيز تذكر أن حائطاً لها قصير، و أنه يقتحم عليها منه فيسرق دجاجها، و تسأله تحصين الحائط، فكتب الى و اليه بمصرفاً فاعلىالجدار و حصنه، و كتب الى فرتونة بما كتب الى و اليه.
(هـ) جريمتا الرشوة و السب و القذف:
مهما بلغت الدقة في اختيار الموظفين، فلا بد أن يوجد بينهممن يتجر بذمته و بما ائتمن عليه من المصالح العامة، و قد يكون كبر الجعل الذي يتقدم به الراشى مشجعاً على فساد ذمم بعض صغار النفوس. و لم يكن أبان الجاهلية حكم و لا حكامبالشكل المعروف اليوم، و لم يكن هنالك من موظف عام بالمعنى المألوف الان، ولكن اسمع ما ورد في القرآن عن جريمة الرشوة بنصها و أركانها ((و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطلو تدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالاثم و أنتم تعلمون)) تنص الاية على جميع أركان جريمة الرشوة بحسب ما أفاض فيه فقهاء القوانين الوضعية. فأكل أموالالناس بالباطل اثم و جرم، و من بين الطرق الذي يتوصل بها الى ذلك الباطل، أن ترشو حاكماً أى موظفاً بمالك ليحابيك فيما لديه مما للغير من حقوق - أما ركن العمد - القصدالجنائى - فتعبر عنه الابة بقولها: و أنتم تعلمون.
/ صفحة 399/
و لنأخذ مثلا آخر عن جرائم العلانية، و هي السب و القذف و جرائم النشر، فالقوانين الوضعية تمنعأى انسان من أن يجاهر بفاحش القول، أو سيئه يوجهه الى آخر، و ذلك حماية لاسماع الناس من أن تتأذى بمثل هذا الهجر، و حماية لاخلاقهم من أن تندس اليها تلك القبائح، و لان فيذلك أذّى لمن وجه اليه هذا السوء، فاسمع ما ورد في القرآن عن هذه الجرائم جميعها في كلمات قليلة:
((لا يحب الله الجهر بالسوء من القول)) و لو أن الآية انتهت عند لفظالسوء بأن كانت ((لايحب الله الجهر بالسوء )) لشملت أيضاً جريمة الفعل الفاضح العلنى، و هي منصوص عليها في آية أخرى من سورة النور ((ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذينآمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا و الاخرة)) وكذلك جريمة التحريض على الفسق و الفجور، فقد تكفلت بها آية أخرى ((لا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا لتبتغوا عرضالحياة الدنيا)) .
و لم تهمل الاية الاولى الاستفزاز كعذر لمن يرتكب جريمة القذف و السب اذا ما ابتدره غيره بالسب فاهتاج، فرد عليه سبا بسب، حيث تقول ((لا يحبالله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم، و هذا الاستثناء يبيح لمن ظلم أن يجهر بالسوء، غير باغ و لا عاد. و لفظ الظلم هنا مطلق لم يقيد بأنه من القول فيشمل عذر الاستفزاز،الاعتداء عليه بالقول كالسب، أو بالفعل كالضرب، أو على المال بالسرقة، و كل ذلك اذا ما وقع على الانسان، فردّه بالسب أو القذف فهو معذور.
و يجمل بنا أن نشيرالى أن الاية التالية استدركت ما قد ينشأ من تطرف في فهم عذر الاستفزاز، فنصّت على أن العفو عن السوء خير من رده بسوء مثله، حيث قالت: ((ان تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عنسوء، فإن الله كان عفواً قديراً)) كما يجمل بنا أن نشير الى أن المعنى في هذه الايات على نحو ما أوردته واضح بين سهلالمال لكل من تهيأ ذهنه لدراسة القوانين المقارنة، أماغيرهم فقد يغيب عنهم هذا المعنى، و لذا نجد بعض مفسرى القرآن يذهبون في تفسير عبارة الجهر بالسوء من القول الى أنها الدعاء على الاعداء بالانتقام، و انزال غضب اللهعليهم.
/ صفحة 400/
و في هذه المناسبة أرى أنه اذا أريد ترجمة معانى القرآن، أن تشمل هيئة الترجمة أفراداً من المشتغلين بنواحى الفكر الانسانى، كعلماءالقانون و الاجتماع و الطب و المال و الاقتصاد و الفلسفة و التاريخ و الفلك، و غير ذلك ممن أعدّوا في حياتهم العلمية و العملية لدراسات خاصة، عسى أن تهتدى جماعتهم الىأقرب المعانى من الحقيقة.
الشريعة الاسلامية و قانون تحقيق الجنايات:
(الف) الا كراه أو التهديد أو التأثير مبطل للاعتراف: سبق أن أسلفنا أنالاقرار أقوى الادلة القانونية، و أن التشدد في طرائق اثبات الحدود، و الجرائم جعل معظمها لا يثبت الا بالاقرار، و لهذا سبقت الشريعة الاسلامية القوانين الوضعية فياحاطته بالضمانات، بحيث يصدر حراً عن طواعية المقر و محض رغبته، و في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم (لا حد على معترف بعد بلاء) و قال على (من قيد أو حبس أو تهدد فلااقرار له).
و روي عن عمر إنه أتى بامرأة حامل، فاعترفت بالفجور، فأمر برجمها، فتلقاها على، فسأل عن خبرها فذكروه له، فردها الى عمر و قال له: هذا حقك عليها، فماسلطانك على ما في بطنها، و لعلك انتهرتها أو أخفتها، قال: قد كان ذلك مني قال، أو ما سمعت ان رسول الله قال: لاحد على معترف بعد بلاء، انه من قيد او حبس أو تهدد فلا اقرار له(كتاب كفاية الطالب لمناقب على ابن أبى طالب).
و ذكر بن السمان في كتاب الموافقة، أن عمر أتى بامرأة اجهدها العطش، فمرت على راعى غنم ى فلاة فاستسقته، فأبى انيسقيها حتى تمكنه من نفسها، ففعلت خشية الهلاك، و اقرت بذلك كله، فشاور عمر الناس في رجمها، فقال له على: انها مضطرة، فخل سبيلها، ففعل.
و كتب عمر بن عبدالعزيزالى عماله ينهاهم عن اكراه الناس على الاعتراف و ختم كتابه بقوله: ((لعمرى لان يلقوا الله بجناياتهم أحب الى من أن ألقى الله بدمائهم)) .
(ب) فن التحقيق و اكتشافالجرائم و مرتكبيها:
الجريمة و مجرد التفكير فيها، و الاتفاق عليها، و الشروع في ارتكابها،
/ صفحة 401/
ثم تنفيذها بحيث تصبح جريمة تامة، ثمالتحقيق بالبحث و التدقيق، و استلهام الواقع حقيقة الحال، كل ذلك منصوص عليه في القرآن في كثير من السور و الايات، و لعل في سورة يوسف جماع هذه الامور. فعند ما حنق عليهاخوته و فكروا في التخلص منه بقتله ليخلولهم وجه أبيهم، و أجمعوا أمرهم على ذلك، أليس هذا هو الاتفاق الجنائى، و هو جرمٌ استحدث أخيراً في قانون العقوبات المصرى، بعدالاعتداء على بطرس غالى باشا، و الذي دعا المشرّع الى ذلك أنه وجد أن نصوص قانون العقوبات قاصرة عن أن تنال من يتفقون على ارتكاب جريمة ما و كشف أمرهم قبل أن يبدوابالتنفيذ، ثم تكلفت سورة يوسف بعد ذلك بسرد باقى الواقعات، و كيف شرع اخوته في ارتكاب جريمتهم فاستأذنوا أباهم في أن يسمح ليوسف بمرافقتهم في رحلتهم الى البادية ليرتع ويلعب، فلما خلوا به نقذوا الجريمة فألقوه في غيابة الجب، ثم عادوا الى أبيهم يتباكون و يدّعون أن الذئب أكل يوسف، فلا يأخذ الوالد الملتاع قولهم قضية مسلمة، بل يقبل علىقميص ولده بفحص ما به من دم، و سرعان ما تبين كذب هذا الادعاء حيث وجد القميص سليما ليس به أثر للتمزق و لا موضع به لاختراق أنياب الذئب الى جسد يوسف حيث يمكن أن يتفجر الدمفيصيب القميص بلوثاته، فأيقن أن الامر مكذوب، و أنهم قد سولت لهم أنفسهم أمراً، فاستسلم لقضاء الله، و استعان به على الصبر، و تجرى آيات السورة بهذا الخبر تقول: ((و جاءواأباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا انا ذهبنا نستبق و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب و ما أنت بمؤمن لنا و لو كنا صادقين، و جاءوا على قميصه بدم كذب، قال بل سوّلت لكمأنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون)) .
و من أبرز الادلة الجنائية أيضاً قميص يوسف مع امرأة العزيز: راودته عن نفسه واعتصم و تسابقاًالى الباب هو يريد الخروج، و هي تريد أن توصده لتبلغ مشتهاها منه، فوجدا العزيز بالباب يريد الدخول، فوجئت الزوجة برؤيته، و هداها شيطانها الى اتهام يوسف بأنه أراد بهاسوءاً، و أنها أبت عليه
/ صفحة 402/
ذلك و انتهرته، فهرول أمامها الى الباب طلباً للنجاة و الهرب، و دفع يوسف التهمية بأنها هي التي راودته عن نفسه، و حارالعزيز في تبين وجه الحق لو لا أن لحظ بعض المقربين من العزيز أن قميص يوسف قد مزق من الخلف، و لو أنه هم بامراة العزيز كما تدعى لكان المزق من قبل لامن دبر، و هكذا دلتالمعاينة و التحقيق على صدق رواية يوسف و كذب رواية امرأة العزيز، و تشير الايات الى ذلك بقولها: ((و استبقا الباب و قدت قميصه من دبر و الفيا سيدها لدى الباب قالت: ما جزاءمن اراد بأهلك سوءاً الا ان يسجن أو عذاب أليم، قال هي راودتنى عن نفسى و شهد شاهد من أهلها ان كان قميصه قدّ من قبل فصدقت و هو من الكاذبين و ان كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين، فلما راى قميصه قدّ من دبر قال انه من كيدكن ان كيدكن عظيم)) .
التشريعات الاجتماعية في الشريعة الاسلامية:
(الف) الضمان الاجتماعى: تكفلنظام الزكاة و الصدقات و البر بالقربى بضمان حياة كريمة لكل فرد من أفراد الجماعة الاسلامية، و لا حاجة للاطالة في ذلك، ولكن الشريعة الاسلامية ذهبت الى أبعد من ذلك، حيثكفلت للفقير نفقته الضرورية في بيت المال، و لعمرى أن أحدث الامم حضارة لم تبلغ الشأ و الذي بلغه الاسلام في ذلك، فقد جعل للمدين في غير فساد حق فيما فاض بميزانية الدولةبعد المصارف العامة، فقد كتب عمر الى و اليه على الكوفة، و قد علم منه أنه اجتمعت لديه في بيت المال بقية مال بعد أعطية الجند و المصارف العامة، فقال له: اعط منه من كانعليه دين في غير فساد.
و كتب عمر بن عبدالعزيز الى عماله لما فاض المال ببيوت المال، و قل وجود من يستحق الصدقة، كتب اليهم ان اقضوا عن الغارمين، فكتب اليه بعضالولاة، انا نجد الرجل و له المسكن و الخادم و الفرس و الاثاث، فهل هو غارم، فرد عليهم ابن عبدالعزيز يقول: لابد للرجل من المسلمين من مسكن يأوى اليه، و خادم يكفيه مهنته،و فرس يجاهد عليه أعداءه، و أثاث
/ صفحة 403/
في بيته، و هو غارم فاقضوا عنه دينه - سيرة عمر بن عبدالعزيز لابن الحكم - و هذا يقابل ما سلف من أن الشريعة قضتبحبس المدين القادر على السداد المماطل.
و كان عمر بن عبدالعزيز أيضاً يوزع الارقاء - أسرى الحرب - على المقعدين و المرضى بالامراض المزمنة لكل اثنين أسير رقيقيخدمهما، ولكل أعمى غلام يقوده، معونة للعجزه و ذوى العاهات.
(ب) منع التسول: بعد أن كفل للاسلام لكل فرد ما يكفيه، نهى عن البطالة و التسول، فقد رأى النبى رجلايتسول، فسأله عما يملك فقال جلس يجلس عليه، فأمر ببيعه و دفع الثمن للرجل، و أمره بشراء حبل و فأس ليحتطب فكسب منها ما كفاه.
(ج) الرفق بالحيوان: في الحديث (سئلرسول الله صلى الله عليه و سلم، و ان لنا في البهائم لاجراً؟ قال: في كل كبد رطبة أجر) و كان عمر بن عبدالعزيز ينهى عن ركض الفرس في غير حاجة أو حق. وأمر ألا يلجم يحوان بلجامثقيل، و لا ينخص بحيث يؤذى، و لا تحمل دابة فوق طاقتها، و حبب الى المسلمين الرفق بالحيوان بما روى في الحديث، من أن امرأة دخلت الجنة في كلب انقذته من هلاك العطش بأن ربطتخمارها الى حذائها و أدلته في البئر بالفلاة و سقته، و أن أخرى دخلت النار في هرة حبستها فلا هي أطعمتها و لا هي تركتها تأكل من خشاش الارض.
(د) البرعامة:الاحاديث و الاثار في ذلك كثيرة، و منها قول الرسول - و هو يخوّف من اتيان بعض الافعال -: (الا أنبئكم بشر من ذلك; من نزل وحده، و منع رقده، و جلد عبده. الا أنبئكم بشر منذلك من لايقيل عثرة، و لا يقبل معذرة، و لا يغفر ذنباً. الا انبئكم بشر من ذلك من يبغص الناس و يبغضونه. ألا أنبئكم بشر من ذلك، من لايرجى خيره و لا يؤمن شره. انما الامورثلاثة: فأمر بيّن رشده فاتبعوه، و امر بيّنٌ غيه فاجتنبوه، و امر اختلف فيه فردّوه الى الله).
و قد اكثر الرسول من الحض على التواد و التراحم و التعاطف والتعاون على البر والتقوى، و معاونة الجار، حتى ظن انه سيورثه.