ما يمنعه سواه، كالذي نشهده اليوم في معاهد التعليم المتخصص، وعلى وجه الصحف، وكالذي نشهده في كتب النحو المبسوطةبين علمائه القدامي (1).
فأما مخالفة قبيلة لقبيلة أو أكثر ' وهو أمر طبيعي يقتضيه تدرج اللغة وتطورها ' فليس فيه ما يعيب، ولا ما يمنع من الأخذ به واتباعه، إذ كيف يقعالخلاف في شأنه مع ما يسجله الأئمة من أن: ' كل ما كان لغة قبيلة يقاس عليه ' (2) ' والناطق على قياس لغة من لغات العرب مصيب غير مخطئ ' (3).
وأما مخالفة فرد عدل أو أفراد قليلةللكثيرة الغالبة في القبيلة فليس فيه أيضاً ما يعيب، وليس لنا أن نحكم عليه بالخطأ؛ ذلك لأن العربي الخالص لا يخطئ ـ كما سبق توضحيه ـ ولكن الذي يقال في مثل هذا: إنه رباللغة، ومالكها؛ فله أن يخلق من ألفاظها ما يشاء من غير نكير عليه، وأن يتصرف في مفرداتها، وتراكيبها، وضبط حروفها التصرف الذي يجري بالفطرة، وعلى مقتضى طبعه، ' ,إذا قويتفصاحته وسَمَت لغته تصرف وارتجل ما لم يسبقه أحد قبله به. وقد حكى عن رؤبة وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظاً لم يسمعاها، ولا سبقا اليها ' (4) وبغير هذا الخلق والارتجال لاتنمو اللغة ولا تتطور، وبغيره لا يتصور العقل أن
(1) وإليك مثلا من عشرات الأمثلة أسوقه استشهاداً وأكتفي به عن نظائره الكثيرة: قال الأشموني في بابكم وكأي: إنهما يلزمان الصدر فلا يعمل فيهما ما قبلهما... الخ.