يونس 209 ان الذين... امام الحقائق الباهرة التي اشارت اليهاالآيات السابقة فاكدت الربوبية الالهية المتفردة، والعدالة والحق الساريين في الكون، يقف المنكرون غير الراجين لقاء الله، ولذا فهم راضون بالصورة الدنيا من الحياةومستسلمون لرغائبهم الدانية، وغافلون عن الآيات بعدان محو عقولهم وسخروها للأهواء الرخيصة يقفون موقف الضياع والفسق عن الفطرة وانتظار النار والعذاب الاليم نتيجة هذاالموقف الدنيء المنقطع عن الايمان بالآخرة.
إن الذين آمنوا... يقف هؤلاء المؤمنون في قبال اولئك المنكرين، فهم واعون للحق مستمعون للهدى مؤمنون بالحقيقةالساطعة، عاملون بمقتضياتها من الاعمال التي تصلح المسيرة البشرية، امامهم الهدى الالهي يستهدونه فيرشدهم بايمانهم به نحو السير الصحيح، وتلتحم الحياة الدنيا بالآخرةفهم في الحياتين في جنات النعيم وفي اطار من الرضا الالهي.
دعواهم فيها سُبحانك... انه شعار المؤمنين في الحياتين ايضاً: التسبيح، والسلام والتحميد، فالتسبيحتنزيه لله عن كل مالا يليق بساحة قدسه من انواع الشرك، والسلام خير كله ومحبة للآخرين، والحمد انعكاس طبيعي لما تشاهده النفس الواعية من نعم الله الغامرة التي تحكي جمالالله وكماله ولطفه العميم بالبشرية في كل حالاتها، اذ الكون كله تجليات لاسماء الله الحسنى وفي هذه العوالم من الحسن لا تجد النفس الا ان تعلن بالحمد لله رب العالمين.
ولو يُعجِّلُ الله... ويتمادى المنكرون في انحرافهم فيطلبون تعجيل العذاب ولكن القرآن يذكرهم بالحكمة من تأخيره، وهي ان هذا التأخير لصالحهم هم، فرغم العناد والظلمتبقى الرحمة الالهية تصر على تنبههم للحقيقة، وخروجهم من حالة الطغيان والضياع.
واذا مسَّ الإنسان... ومن الحالات التي تعبر عن لطف الله ايضا حالات العودة الىالله عند الضر والشدة وانقطاع الوسائل حيث يلجأ الانسان متضرعاً الى الوجود القادر المخلّص داعياً في مختلف حالاته، الا ان هذا الانسان سرعان ما ينسى هذا اللطف ويغفل عنباب الرحمة وذلك حينما تنكشف الغمة، فيستهويه الطغيان من جديد، وتزين له نفسه حياة السرف والترف فيغرق في العمه من جديد.
ولَقَد أهلكنا القُرُون... وهي عبرة يجبان يعتبر بها هؤلاء المسرفون الغافلون المستعجلون لعذاب الله، ليدركوا ان هناك علاقة قوية بين الهلاك والظلم والعناد الطاغي رغم ان الرسل كانت تطرح الآيات البينات،والمنطق السليم يعتبر بالبينات ولكنه الطغيان والاسراف يعمي القلوب ويدفع نحو حياة الاجرام.
ثمَّ جعلناكم... انها نعمة الله عليهم باستخلافهم في محل هؤلاءالهالكين وهو تذكير مؤكد لهم للعودة الى الله والعمل الصالح والخلاص من نفس العاقبة وانه توجيه للنفوس لاستحضار الرقابة الالهية في كل الحالات.
وإذا تتلى عليهم... ايات القرآن واضحة بينة فيها علو المعنى ودقة التنسيق وسمو الهدف ولذلك وقفوا امامها مبهورين عاجزين عن ان ياتوا بمثلها ولا يسعهم الا التسليم. الا انالعناد وعدم الايمان بالآخرة من قبل البعض دفعهم لطلب عجيب: طلب الاتيان بقرآن غير هذا او تبديله وذلك اما لتنسجم مضامينه مع اهوائهم او للاستهزاء أو للامتحان او لغيرذلك. الا أنه يُطْلَبُ من الرسول أن يرد عليهم بانه مجرد متلق للوحي، وأنه هو لو تخلف لواجهه العذاب العظيم. وهذه الأثنينية بين الموحي والموحى اليه ظاهرة قرآنية عامة تردعلى ادعاءات المشركين، وكل المشككين القدامى والمحدثين الذين يقولون بنظرية (الوحي النفسي) الموهومة.
قل لو شاء الله... استمرار في الرد على طلبهم السخيف بتغييرالقرآن. ذلك ان نزول الوحي كان بارادة الهية، ولو شاء تعالى لما انزل القرآن ولا علمهم الرسول معانيه الرائعة ولقد كان (ص) يعيش بينهم اربعين عاماً قبل نزول الوحي ولم يكنيحدثهم بشيء منه لانه لم يكن قد اوحي اليه. انها لفتة تدعو للتعقل والتأمل لو كانوا يعقلون.
فمن أظلم... انه الظلم العظيم أن ينسب الانسان لله شيئاً، او يكذب بآياتهالواضحات، وانه لاجرام كبير يؤدي الى الضلال والشقاء.
ويعبدون من دُونِ... ويمضي القرآن في تسخيف هؤلاء وتذكيرهم بانحطاطهم العقلي اذ يقدمون ولاءهم وخضوعهملموجودات لا تضر ولا تنفع مدعين انها سوف تشفع لهم وتوصلهم الى الله، والله لا يعلم بمثل هؤلاء الشفعاء المزعومين، بل هو الشرك الذي يتنزه تعالى عنه.
وما كانالناس... وماذكره القرآن من تصرفات وطلبات سخيفة للمشركين انما هو انحراف عن الحالة الفطرية التوحيديه ووقوع في الضلال وانقسام الناس بالتالي الى مسيرتين مؤمنة وكافرةشاء الله أن تلتحما عبر التاريخ حتى يحكم بينهما يوم الجزاء.
ويقولون لولا أنزِلَ... ويستمر المشركون الذين لا يرجون لقاء الله بطلب آية اخرى (غير القرآن) غيرمدركين لعظمة القرآن المعجزة الخالدة ويأتي الرد من الرسول المطيع لله: انها إرادة الهية وانه لا يعلم الغيب علماً ذاتياً بل هو ينتظر الوحي فلينتظروا معه ماينزل منالله.
وإذا أذقنا النـّاس... تذكير قرآني لهؤلاء المشككين في الرسالة والوحي، والذين جاءتهم الرحمة الالهية المتمثلة ببعثة النبي فيهم ليخلصهم منالجاهلية والفرقة، ولكنهم راحوا يتذرعون بالطلبات السخيفة والاساليب الماكرة كطلب تغيير القرآن، او طلب آية ومعجزة اخرى وامثال ذلك، تذكير لهم بان الانسان الضعيف عادةًما يثوب الى ربه ساعة الحاجة فاذا قضيت واستغنى عاد الى مكر ه ولجاجه، ولكن الله اسرع مكراً ورداً على المكر الذي ترصده رسل الله بكل دقة وحينئذ يكون الرد المناسب.
هو الذي يُسيّركُمْ... واستمراراً في هذا التذكير يستعرض القرآن هذه الحالة التي تتكرر عادة لدى الناس فهم يتمتعون بنعمة الله وقوانين الطبيعة ويسيرون في البحر تحملهمالفلك وتدفعهم الريح الطيبة فرحين مسرورين وربما غفلوا عن هذه النعمة او تناسوا المنعم ولكن العسرة والشدة تبدو حينما تعمل قوانين الله عملها ايضا فتعصف الرياحوتهاجمهم الامواج من كل طرف ويشعر هؤلاء بالهول الكبير فيتنبهون للحقيقة التي غفلوا عنها حالة الاستغناء فيلجأون بفطرتهم الى الله المنقذ طائعين معلنين انهم ان شملتهمالرحمة فسيكونون من الشاكرين.
والملاحظ ان الآية الشريفة تستفيد من روعة التعبير لتجسد هذا المشهد الوجداني تحقيقا لهدف التذكير.
فلمّا أنجاهم إذاهُمْ... الا ان الانسان يدركه ضعفه (الا ان يحتفظ بخاصية التذكر) فيعود الى الطغيان والبغي والظلم واتباع سبيل الضلال ناسياً حقيقة انه يعتدي على انسانيته ووعيه مستمتعاًبمتعة دنيوية رخيصة ومفرطاً بحياة سامية في الدنيا وثواب خالد في الآخرة حين يرجع الى ربه فينبئه بعمله ويجزيه على انحرافه وبغيه.
إنـّما مَثـَل الحياة... هكذايريد القرآن ان يعمق نظر الانسان للدنيا فلا يفتتن بها، إنها حالة قد تتغير لاي عارض، كما تغيرت الريح الطيبة الى ريح عاصف فهي تشبه مطراً ينزل بلطف الله فتتلقفه الارض،ويمتصه النبات فيمرع ليشبع الانسان والحيوان وتتزين به الطبيعة وحينئذ ايضا يدرك الانسان ضعفه ويتصور انه القادر ويغفل عن قدرة الله لتغير عليه الحوادث في كل آن وليصبححصيدا يبساً مجدباً وكأنه لم يكن بالامس في غاية الزهو والخضرة.
وتتالى الآيات لتبقي الانسان واعياً للحقيقة مفكراً بالمصير.
والله يَدْعُوا إلى دار...والمصير الحق يجب ان يكون الى دار السلام والامان الدائم الذي لا يشوبه قلق او زوال وهو ما يدعونا اليه اللطيف الخبير الرحيم، فما اسمى الفرق بين حياتين: حياة متقلبة تتسمبالزوال والنسيان والقلق والمكر واخرى هي السلام بكل معانيه الجميلة.
للذين احسنوا... تتمشى هذه الآية مع مقتضيات الفطرة ككل القرآن، فالمحسنونلهم المثوبة والعاقبة الحسنى بل ولهم من فضل الله زيادة على ذلك قد تفوق تصورهم هم. وسوف لن يواجهوا الاهوال ولن تتغير الوان وجوههم ولا تبدو عليها الذلة انهم اصحاب الجنةوقد حققوا اقصى ما يصبون اليه وهو الخلود في النعيم والسلام في ظل الرضوان الالهي.
والـَّذين كسبوا السَّيّئاتِ... وفي قبال خط الايمان يقف هؤلاء الذين عاشواالانحراف والخسران يلاقون جزاء سيئة بمثلها وتغشاهم الذلة، ويفقدون مايمنعهم من عذاب الله، ويغرقون في ظلام الندم والضياع ويا لبؤس هؤلاء انهم سيخلدون في عذاب الله ومااعظمه من عقاب. وهكذا يجمع القرآن بين سواد الوجوه الظاهري وسواد الذل الباطني ليعبر اروع تعبير عن العذاب الغامر الذي سيلاقي اهل المعاصي فعليهم التأمل من جديد في هذهالعاقبة الاليمة.
ويوم نحشرهم... وهكذا تحشر الخلائق الى الله، المؤمنون والمشركون، ثم يقال للمشركين ومن جعلهم المشركون شركاء لله: قفوا مكانكم انتم وهؤلاءالشركاء ثم يتم الفصل بينهما (فزيلنا بينهم) وينبري الشركاء لتبرئة انفسهم من إثم هؤلاء وشركهم واعلان ان هؤلاء لم يكونوا يعبدونهم في الحقيقة، لان الشركاء، لم يكونواشركاء ولم يكونوا يستحقون العبادة، وانما توهم المشركون قيامهم بهذه العبودية.
فكفى بالله شهيدا... ويلجأ هؤلاء الشركاء المزعومون الى الله ليستشهدوا به معلنينانهم كانوا غافلين عن اثم المشركين وفي كل هذا مافيه من تبكيت المشركين وتذكيرهم بعمق الوهم الذي يعيشونه.
هنالك تبلُوا كُلُّ... انها الحقيقة الكبرى والمولويةالحق تظهر باجلى مظاهرها يوم القيامة فاذا ماعداها زائف، واذا كل انماط العبودية الاخرى وهم وضلال، وهناك تنكشف حقائق الاعمال وتوفى كل نفس نصيبها مما اسلفت وقدمت منعمل، وهنالك تبطل الدعاوى الاخرى ولا يجد المشركون من يعصمهم من العذاب.
قل من يرزقُكُمْ... واستهدافا لنفي الشركاء والشفعاء المزيفين تأتي هذه الآية لتصحيحالموقف لدى المشركين بتذكيرهم بنعم الله العظمى في الكون والنفس، حيث تتناسق الطبيعة وشتى القوانين الارضية والسماوية لتشبع مايحتاجه الانسان، وتدوم حياته ويتنعم برزقالله يديم مسيرته البناءه لتحقيق الهدف من خلقته. ان ظواهر الرزق من السماء والارض، والحواس، والحياة، تشكل مجموعة متناسقة يقود التأمل فيها الى الوجود الحي القادرالرحيم المطلق، وبدون ذلك فليس امامنا الا افتراض تجمع مالا يحصى من الصدف وهو المحال الذي ترفضه الفطرة السليمة فليس امامنا الا الايمان بالله وحده ونفي اي تأثير لماعداه وبالتالي العمل بمقتضيات حق المولوية وهي التقوى.
فذالكم الله ربُّكُمْ... انه المولى الحقيقي وماعداه الوهم والخيال الباطل.
كذلك حقَّت كَلِمَتُ...ولأنهم خرجوا عن حالتهم الفطرية فإنهم لم يستحقوا شرف الايمان.
قـُلْ هَلْ ... استمرار في الاحتجاج ضد المشركين، والاستمداد من الفطرة لتقريرحقيقة التوحيد وان الله تعالى بيده الخلق اول مرة، واعادة الخلق للحساب، واعطاء حياة الخلق الاول معنى وغاية، وان لادور لمن يطرحونهم شركاء في العملية مطلقا، فينبغي انلا تنطلي عليهم اساليب الضلال فتصرفهم عن الحق.
قُلْ هَلْ مِن شُرَكائِكُم ... ذلك ان اتباع الحق حالة فطرية لانها من طرق التكامل، واتباع الهادي الى الحق اتباعللحق نفسه وحينئذ يواجه المشركون بحقيقة مهمة وهي ان هؤلاء الشركاء اضعف من ان يقودوهم الى الحق، وان الهدى الحقيقي هو هدى الله في جميع المجالات بينما لا يملك هؤلاء انيهتدوا هم فضلا عن ان يقوموا بهداية الآخرين، والفطرة تقتضي وتحكم باتباع الهادي الحقيقي وهو الله.
وما يَتَّبعُ أكثرُهُم ... ان هؤلاء المشركين اخطأوا السبيلالى الحق بعد أن اصرّ أئمتهم على اضلالهم - وهم اي القادة يعلمون بالحق ولكن سولت انفسهم الباطل - اما الاكثرية فهم المقلدون التابعون للظنون والاوهام ولو عادوا الى فطرهموعقولهم لأدركوا ان الظن لا يغني من الحق شيئاً وان عليهم الوصول الى اليقين بالحقيقة واتباعها بعد ذلك، وربما كان المراد ان الاكثرية تتبع الوهم وهناك اقلية مستضعفة لاتملك التفكير اصلا في هذه الامور.
وما كان هذا ... وينتقل القرآن الى نقطة ضعف كبرى في نفس المشركين وهي تشكيكهم في نسبه السماوي وهي نقطة سارية في نفوس من لم تستقرالعقيدة في وجودهم، كما يعمل الاعداء وحتى اليوم على بث الشبهات حولها ومن هنا فإن اسلوب معالجتها آنذاك ايضا يسري باستمرار ليعالج اي شبهة لاحقة.
ان هذا القرآنلا يمكن ان يفترى على الله لانه مظهر لقدرة الهية لا بشرية، انه بما يملكه من معان سامية، وتناسق بديع وتكامل في الرؤى، واخبار عن عالم الغيب، وعلو عن الزمان والمكان،وروعة خارقة في التعبير واستعصاء على التقليد، وتصديق وتفصيل لحقائق الكتب السماوية السابقة، وانسجام تام مع الفطرة والمنطق السليم، انه مع كل هذه الحقائق لا يقبلالافتراء مطلقا ولا يدخله الشك في انه نازل من رب العالمين خالق الكون بقوانينه، والرحيم للانسان والهادي الى سواء السبيل.
أم يَقُولُون ... نعم على هؤلاءالمشككين ان يجربوا انفسهم هم بل يستمدوا من الآخرين قدراتهم ليأتوا بسورة من مثله تحمل نفس السمو والاعجاز ولن يقدروا بل لن تستطيع الاجيال التالية حتى من تشبعواباسلوبه ان تاتي بسورة من مثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا.
بل كذَّبـُوا ... ان سمو المعاني القرآنية وقصور افهام المكذبين عن ادراك المعاني الكبرى التي تؤول اليها(وهي امور سيطلعون عليها قريبا) هو الذي دعاهم للتكذيب كما دعا من قبلهم لذلك دون ان يفكروا بعقل سليم فابتلوا بعاقبة الظالمين.
وَمِنهم مَّن يُؤمِنُ... وهكذا وفقالله البعض للايمان بالقرآن في حين منع البعض فسادهم من هذا التوفيق.
وان كذبوك ... دعوة للنبي كي يتبرأ من خط المكذبين.
ومنهم مَّن يستمعونَ... وهناك منيستمعون اليك وهم صم لا يعقلون فهم لا يقبلون الهدى ولا يملكون القابلية له.
يونس 214 ومنهم من يَنظُرُ ... كما ان هناك من ينظرون اليك ولكنهم فيالواقع عمي لا يقبلون الوعي والبصر المؤدي للمعرفة.
ان الله لا يَظْلِمُ ... والعدل الالهي هو احد ركائز التصور الاسلامي التي يبتني عليها الكثير من التصوراتالاخرى، ومن هنا فان هؤلاء لم يصبهم ظلم من الله وانما كانواهم الظالمين لانفسهم بتفريطهم بهذه النعم الالهية.
ويوم يحشرُهُم ... ان الحقيقة سوف تتجلى بوضوح يومالقيامة: وسيعرفون ان ما افنوا عمرهم لـه من الدنيا لا قيمة له في الواقع، انه لا يمثل الا ساعة من النهار تم فيها التعارف ثم انقضت بسرعة فتبين لهم الخسران والبعد عنالهدى، وهكذا يركز القرآن في ذهن الانسان حقيقة الحياة الانسانية الممتدة ليفكر في سعادته على امتدادها ولا يقتصر على مقطع قصير منها، وحينئذ تتغير حسابات الربحوالخسارة.
واما نرينَّك ... انها سنن الله في التاريخ: ان يهدي الله بلطفه الانسان ويرسل له التعاليم التي تقوده الى السعادة فاذا انحرف عن الخط استحق العذاب، وماعلى الرسول الا البلاغ وفيما عدا ذلك فالامر موكول لله فقد يرى تحقق الوعيد الالهي، وقد يتوفاه الله قبل ذلك وعلى اي حال فالسنن لا تتخلف والجميع في محضره تعالى فينبغي انلا يغرهم تأخر العذاب كما ينبغي للنبي ان يواصل دعوته سواء تحقق الوعيد او تأخر.
ولكل أمَّةٍ رَّسُولٌ ... ان اللطف الالهي عميم، والعدل الالهي حقيقة لامراء فيهافالرسل تبلغ الهدى الالهي لكل الامم وعليها ان تستغل هذا اللطف، فاذا عصت استحقت العذاب.
ويقولون متى هذا... ويتساءل المنحرفون متهكمين: متى يتحقق الوعد الالهيالذي وعدتمونا به؟ ويأتي الجواب: انه يتبع السنن والتقديرات الالهية وليس أمره بيد الرسول، بل لايملك هو لنفسه ان يضرها او ينفعها، والمشيئة الالهية هي النافذة فيالتاريخ وتطوي الامم على اساس منها عمرها واجلها فاذا استوفت ذلك تحقق التقدير الإلهي بكل دقة.
قل لا أملِكُ ... ان استعجال العذاب لن ينفع المجرمين ولن يخلصهم منهفهو محيط بهم. قد ياتيهم ليلا او نهاراً فلا داعي لهذه العجلة.
أثـُمَّ إذا ... وكأن هؤلاء ينتظرون ان تلوح بوادر العذاب ليؤمنوا بالرسالة ولكن القرآن يحذرهم منالتمادي في ذلك اذ سوف لن ينفعهم ذلك بعد ان يحيط بهم ما كانوا به يستعجلون.
ثم قِيلَ لِلَّذينَ ... ويوم القيامة يقال لهؤلاء الظالمين هذا القول الاليم وليس ذلكالا بما كسبته ايديهم.
ويستنبئونك أحقٌّ هُوَ... انهم يعجبون من اعادتهم الى الحساب ويتساءلون عن مدى تحقق ذلك غافلين عن ان وعد الله حق وان القدرة الالهية لايعجزها شيء.