اطلعنا على تقرير خطير اعدته مؤسسة (رائد) بتمويل من مؤسسةريتشارد سون. ويلخص التقرير التخطيط الغربي الخطير لضرب الصحوة الاسلامية. وقد أثرنا نشر ملخصه فقط - كما لخصه معدو التقرير أنفسهم - مع التعليقات القصيرة لنعرف ابعادالمخطط الصهيو-امريكي في هذا المجال:
ليس هنالك من شك في أن الإسلام المعاصر يعيش في حالة من التقلب وعدم الاستقرار بسبب الانخراط فيصراعات داخلية وخارجية حول قيمه وهويته ومكانته في عالم اليوم. حيث أن هنالك العديد من القوى المتنافسة التي تسعى للحصول على الهيمنة الروحية والسياسية. كما أن لهذاالصراع تكاليفه الخطيرة ومضامينه الاقتصادية والسياسية والأمنية على الأجزاء الأخرى من العالم. ونتيجة لذلك يبذل الغرب جهوداً متزايدة للتوصل إلى اتفاق
وكما هو واضح، فإن الولايات المتحدة والعالم الصناعي المتقدم، بطبيعة الحال، المجتمع الدولي بأسره، يفضلعالماً إسلامياً متوافقاً مع باقي النظام الدولي، يكون ديمقراطياً، وقابلاً للنمو اقتصاديا، ومستقراً سياسيا، ومتطوراً اجتماعيا، ومواكبا لأنظمة وقوانين السلوكالدولي(2). كما أن هذه الأطراف تسعى إلى منع «صراع الحضارات» - في كل أشكاله المحتملة - من اضطراب داخلي متزايد بسبب النزاع بين الأقليات المسلمة والسكان الأصليين فيالغرب، إلى حالة الاقتتال المتزايد عبر العالم الإسلامي، وما يترتب عليها من عدم الاستقرار والإرهاب(3).
وعليه يبدو أنه من الحكمة تشجيع عناصر من داخل المزيجالإسلامي تكون أكثر ملائمة مع السلام العالمي والمجتمع الدولي، وصديقة للديمقراطية والحداثة. ولكنه ليس من السهل دائماً التعرف على هذه العناصر بالشكل الصحيح وإيجادالطرق المناسبة للتعاون معها(4).
إن الأزمة الحالية للإسلام لها مكونان رئيسيان هما: «قدرته على النمو، وعدم الاتصال مع الاتجاه السائد في العالم»(5). لقد اتسمالعالم الإسلامي بفترة طويلة من التراجع والوهن النسبي، وللخروج من هذه الحالة كان تبني الكثير من الحلول المختلفة، وذلك مثل القومية، والعروبة، والاشتراكية العربية،والثورة الإسلامية، ولكنها لم تنجح. وقد أدى ذلك إلى حالة من الإحباط والغضب. وفي نفس الوقت لم يستطع العالم الإسلامي مواكبة الثقافة العالمية المعاصرة، وهي حالة غيرمناسبة للطرفين(6).
ويختلف المسلمون حول كيفية التعامل مع هذا الوضع، كما يختلفون حول الشكل النهائي الذي ينبغي أن يكون عليه مجتمعهم. ويمكننا أن نحدد ثلاثةتنظيمات رئيسية:
1. المتشددون الذين يرفضون قيم الديمقراطية والحضارة الغربية المعاصرة ويريدون دولة فاشية متزمتة تطبق وجهة نظرهم المتطرفةللقوانين والمبادئ الإسلامية.
وهم يريدون استخدام الابتكارات والتكنلوجيا الحديثة لتحقيق أهدافهم .
2. التقليديون الذين يريدون مجتمعا محافظا ويشككونفي الحداثة والابتكار والتغيير.
3. الحداثيون الذين يريدون من العالم الإسلامي أن يكون جزءاً من التقدم الذي يسود العالم،كما يريدون أن يقوموا بتحديث الإسلاموإدخال الإصلاحات فيه حتى يكون مواكبا للعصر.
4. العلمانيون الذين يريدون من العالم الإسلامي أن يتقبل فكرة فصل الدين عن الدولة كما هو الحال في الديمقراطيةالغربية الصناعية، مع حصر الدين في النطاق الشخصي(7).
لكل من هذه المجموعات موقفه الخاص من المواضيع الرئيسية المختلف عليها اليوم في العالم الإسلامي، ومن هذهالمواضيع: الحريات السياسية والشخصية، والتعليم، ووضع المرأة، والقوانين الجنائية، وشرعية الإصلاح والتغيير بالإضافة إلى تنظيماتها تجاه الغرب.
إن المتشددينمعادون للغرب عموماً وللولايات المتحدة بشكل خاص، حيث أنهم يهدفون، بدرجات مختلفة إلى تخريب وتدمير الديمقراطية الحديثة، وإن تشجيعهم ليس بالخيار الصائب، إلا أن يكونذلك لاعتبارات تكتيكية مرحلية(8). أما التقليديون بشكل عام، فلديهم قدر أكبر من وجهات النظر المعتدلة، ولكن هنالك اختلافات هامة بين المجموعات المختلفة من التقليديينأنفسهم. حيث أن بعضهم أقرب إلى المتشددين، كما أنه لا يوجد بين هذه المجموعة من يتقبل بإخلاص الديمقراطية الحديثة وثقافة وقيم الحداثة، وفي أحسن
إن الحداثيين والعلمانيين هما أقرب هذه الفئات للغرب، من وجهة نظر المبادئ والسياسات. ولكنهم بشكل عام في موقفأضعف من باقي المجموعات الأخرى، حيث أنهم يفتقرون إلى من يؤيدهم بقوة، كما ينقصهم المال والبُنى التحتية الفعّالة، والبرنامج السياسي. إن العلمانيين إلى جانب كونهم غيرمقبولين كحلفاء في بعض الأحيان بناءً على انتمائهم الفكري العام، يعانون كذلك من بعض المشاكل في التعامل مع القطاع التقليدي في المجتمع الإسلامي(10).
إن الإسلامالتقليدي (الأرثوذكسي) يتمتع ببعض العناصر الديمقراطية التي يمكن الاستفادة منها في تحجيم إسلام المتشددين القمعي الفاشيستي. ولكنه ليس ملائما لأن يكون الوسيلةالابتدائية للإسلام الديمقراطي. ولكن عبء هذا الدور يقع على الحداثيين الإسلاميين، الذين تتأثر فعاليتهم ببعض القيود المفروضة عليهم، وهي ما سنحاول التعرض له في هذاالتقرير(11).
وللقيام بتشجيع التغيير الإيجابي في العالم الإسلامي نحو الديمقراطية والحداثة والانسجام مع النظام العالمي المعاصر، فإن الولايات المتحدة والغربيحتاجان إلى التمعن وبحذر شديد في العناصر والميول والقوى الإسلامية التي يريدان تقويتها، وما هي أهداف وقيم مختلف الحلفاء المحتملين والذين تحت حمايتهم، وماهي الآثارالعامة التي تترتب على تقديم أجندتهما الخاصة. إن المنهج المتنوع التالي والذي يتكون من العناصر التالية ربما يكون أكثر فاعلية في هذا الموضوع:
ـ طباعة كتاباتهم مقابل تكاليف مدعومة.
ـ تشجيعهم على الكتابة للعديد من القراء وللشباب.
(245)
ـ طرح وجهات نظرهم في المناهجالدراسية الإسلامية.
ـ إعطاؤهم برنامجا سياسيا يعملون من خلاله.
ـ طرح وجهات نظرهم وأحكامهم حول المسائل الرئيسية للتفسيرات الدينية وجعلها في متناولالقراء (والمتلقين بشكل عام) وذلك لمنافسة وجهات نظر المتشددين والتقليديين الذين يمتلكون مواقع في الإنترنت ودور النشروالمدارس والمعاهد، والعديد من الوسائل الأخرىلنشر وجهات نظرهم.
ـ جعل العلمانية والحداثة بمثابة خيار ثقافي بديل بالنسبة للشباب الإسلامي المتمرد.
ـ تسهيل وتشجيع وعيهم لخلفيتهم التاريخيةوالثقافية غير الإسلامية في وسائل الإعلام وفي المناهج الدراسية في الدول المعنية.
ـ المساعدة في بناء منظمات مستقلة للمجتمع المدني وذلك من أجل تشجيع الثقافةالمدنية ومنح المواطنين العاديين المجال لتثقيف أنفسهم حول العملية السياسية، والتعبير عن وجهة نظرهم (12).
ـ نشر انتقاداتالتقليديين لعنف المتشددين وتطرفهم على نطاق واسع، وتشجيع عدم الاتفاق بين الطرفين.
ـ السعي لمنع التحالف بين التقليديين والمتشددين(13).
ـ تشجيع التعاونبين الحداثيين والتقليديين لأنهم الأقرب إليهم(14).
ـ تعليم التقليدين، ما أمكن ذلك، لتحسين أدائهم في مواجهة المتشددين في المناظرات، حيث أن المتشددين متفوقونفي الخطابة، بينما التقليديون غير قادرين على الإفصاح عن آٍرائهم ويتبعون المفهوم الشعبي للإسلام. وفي بعض الأماكن مثل وسط آسيا ربما يحتاج المسلمون إلى تعليمهموتدريبهم على ممارسة الإسلام التقليدي حتى يتمكنوا من المحافظة على وضعهم(15).
ـ زيادة ظهور الحداثيين ووجهات نظرهم في مؤسسات التقليديين.
ـالتفرقة بين القطاعات المختلفة للتيار التقليدي. وتشجيع القطاعات التي تتمتع بميل أكبر إلى الحداثة، وذلك مثل المدرسة الحنفية في القانون، ضد القطاعات الأخرى. وتشجيعهملإصدار فتاوى وتعميمها لإضعاف سلطة الوهابيين الرجعيين في تطلعهم إلى نظام الحكم الديني. حيث أن ذلك يتعلق بالتمويل: فالأموال الوهابية تذهب لدعم المدرسة الحنبليةالمحافظة. كما أن الأمر يتعلق أيضا بالمعرفة، حيث أن الأجزاء الأكثر رجعية في العالم الإسلامي غير واعية للتطور الحاصل في تطبيقات الفقه الإسلامي وتفسيراته(16).
ـتشجيع شعبية الصوفية وتهيئة المجتمع لزيادة تقبلها(17).
ـ تحدي تفسيرهم للإسلام والكشف عن أخطائهم.
ـ فضح ارتباطهمبمجموعات وأنشطة غير قانونية.
ـ إعلان ما يترتب على أعمال العنف التي يقومون بها.
ـ إثبات عدم قدرتهم على الحكم وتحقيق النمو الإيجابي في بلدانهمومجتمعاته.
ـ توجيه هذه الوسائل إلى الشباب خصوصاً، وإلى المجتمعات التقليدية المتدينة، والأقليات المسلمة في الغرب، وإلى النساء.
ـ تجنب إبداء التقديرأو الإعجاب بأعمال العنف التي يقوم بها المتشددون المتطرفون والإرهابيون. ويجب وصفهم بأنهم أناس مضطربون وجبناء، وليسوا أبطالاً غاضبين.
ـ تشجيع الصحفيين لعملتحقيقات صحفية في دوائر المتشددين حول الفساد والنفاق والأعمال غير الأخلاقية(18).
ـ تشجيعهم لاعتبار المتشددين كعدومشترك، والسعي لمنع العلمانيين من إقامة تحالف مع القوى المعادية للولايات المتحدة وذلك مثل القوميين واليساريين.
ـ تشجيع وجهة النظر القائلة بأن فصل الدين عنالدولة ممكن أيضا في الإسلام، حيث أن ذلك لا يشكل خطرا على الدين، بل على العكس من ذلك ربما يؤدي إلى تقويته(19).
وبصرف النظر عن المنهج أو المناهج المتنوعة التييمكن أن يقع عليها الاختيار، نقترح أن يكون التطبيق على قدر كبير من الحذر والتروي، مع الأخذ في الاعتبار الوزن الرمزي لمواضيع معينة. أما الوسائل فيجب إسنادها إلى صناعالقرار في الولايات المتحدة وتخطيطهم لها، ولتنظيمات معينة في هذه الموضوعات، حيث أن النتائج المترتبة على هذا التخطيط بالنسبة للفعاليات الإسلامية الأخرى، بما فيهالمخاطرة بالتعرض للخطر أو التكذيب من قبل المجموعات والشعب التي نحاول مساعدتها. وتكاليف الفرص البديلة والنتائج غير المتوقعة من تقبل للموضوع والحالة التي ربما تبدوملائمة على المدى القصير(20).
(1) وهكذا يلبس الغرب لبوس المنجي، متناسياً دوره في تمزيق العالم الاسلامي وتأجيج الخلاف فيه.
(2) وهكذاتعتبر القيم الغربية هي معيار التقدم، والنظام الدولي الانساني ويتم السعي لتطبيق هذا المعيار على العالم الاسلامي.
(3) وكأن نظرية صراع الحضارات لم تنطلق من الغرب،ولم يعمل الغرب على اضطهاد الاقليات المسلمة وتضييع حقوقها!!
(4) وهكذا ينصب الغرب من نفسه قيماً على السلام والمجتمع الدولي والديمقراطية والحداثة ليبرر لنفسه تجنيدالعناصر العميلة لصالح اهدافه.
(5) هذه خلاصة ازمة العالم الاسلامي وهي: عجزه الذاتي عن النمو وعدم تواصله مع القيم الغربية.
(6) يلخص هنا ردود الفعل على هذه الازمةفيجمع بين الحلول التي قدمها هو كالقومية، والاشتراكية التي صبغها بالصبغة العربية لتكون مقبولة، وبين رد الفعل الطبيعي وهو الثورة الاسلامية، ليعتبرها جميعاً فاشلةفي تحقيق المواكبة للثقافة العالمية المعاصرة (الغربية طبعاً).
(7) وهكذا يأتي هذا التقسيم الى متشددين يرفضون هذه القيم فهم فاشيون متطرفون، وتقليديون جامدون،وحداثيون في اطار الاسلام وعلمانيون يحصرون الاسلام في النطاق الشخصي وهؤلاء هم من يصنعون التطور المنشود. وهنا يتوضح دور الغرب في تركيز العلمانية.
(8) كما تم دعمحركة طالبان والقاعدة في بعض المراحل.
(9) وهذا ما يبرر التصالح الموقت مع بعض القوى الرجعية، واستخدامها جسراً لتحقيق الاهداف الغربية.
(10)اعتراف بان التوجه العامللامة يرفض العلمانية وتغافل عن ان طبيعة التعاليم الاسلامية لا تنسجم مطلقاً مع هذا التوجه الغريب.
(11) الهدف اذن اسلام غربي ينبذ التراث.
(12) وكل هذه الخطط واضحةولا تحتاج الى تعليق .
(13) زرع الخلاف بين العناصر المؤمنة بالاسلام.
(14) لاضفاء صبغة مقبولة على الحداثيين.
(15) متابعة للخطة حتى ولم تم ذلك باسم تعليم الاسلامللمسلمين.
(16) وهكذا يتم خلط الاوراق، وتمزيق الصفوف.
(17) فالانعزال هو اسلم الطرق وبعض الطرق الصوفية تشجع ذلك.
(18) وهذه الاساليب جميعها نشهدها عياناً وخصوصاًفي الساحة الصحفية .
(19) هذا الاسلام الذي يريدون. اسلام بعيد عن الحياة ومعزول في المساجد.
(20) وهكذا يصنع القرار هناك ويتم تطبيقه هنا ومع كل هذا يراد منا ان لانصدق نظرية المؤامرة .