استیعاب فی تمییز لاصحاب

ابن عبدالبر

جلد 2 -صفحه : 123/ 108
نمايش فراداده

حدثنا أحمد بن صالح ويحيى بن سليمان وحرملة بن يحيى ويونس بن عبد الأعلى قالوا حدثنا ابن وهب قال أخبرني يوسف بن يزيد عن إبن شهاب قال لما دخل معاوية الكوفة حين سلم الأمر إليه الحسن بن علي كلم عمرو بن العاص معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب الناس فكره ذلك معاوية وقال لا حاجة بنا إلى ذلك قال عمرو ولكني أريد ذلك ليبدو عيه فإنه لا يدري هذه الأمور ما هي لم يزل بمعاوية حتى أمر الحسن أن يخطب وقال له قم يا حسن وكلم الناس فيما جرى بيننا‏.

‏ فقام الحسن فتشهد وحمد الله وأثنى عليه ثم قال في بديهته أما بعد أيها الناس فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول وإن الله عز وجل يقول‏:‏ ‏"‏ وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون أنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون إن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ‏"‏‏.

‏ الأنبياء‏:‏ 109‏:‏ 111‏.

‏ فلما قالها قال له معاوية اجلس فجلس ثم قام معاوية فخطب الناس ثم قال لعمرو هذا من رأيك‏.

‏ وأخبرنا خلف حدثنا عبد الله حدثنا أحمد قال حدثني يحيى بن سليمان قال حدثني عبد الله الأجلح أنه سمع المجالد من سعيد يذكر عن الشعبي قال لما جرى الصلح بين الحسن بن علي ومعاوية قال له معاوية قم فاخطب الناس واذكر ما كنت فيه‏.

‏ فقام الحسن فخطب فقال الحمد الله الذي هدى بنا أولكم وحقن بنا دماء آخركم ألا إن أكيس الكيس التقي وأعجز العجز الفجور وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما أن يكون كان أحق به مني وإما أن يكون حقي فتركته لله ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم وحقن دمائهم قال ثم التفت إلى معاوية فقال‏:‏ ‏"‏ وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ‏"‏‏.

‏ الأنبياء‏:‏ 111‏.

‏ ثم نزل‏.

‏ فقال عمرو لمعاوية ما أردت إلا هذا‏.

‏ ومات الحسن بن علي رضي الله عنهما بالمدينة واختلف في وقت وفاته فقيل مات سنة تسع وأربعين وقيل بل مات في ربيع الأول من سنة خمسين بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين وقيل بل مات سنة إحدى وخمسين ودفن ببقيع الغرقد وصلى عليه سعيد بن العاص وكان أميراً وقد كانت أباحت له عائشة أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها وكان سألها ذلك في مرضه فلما مات منع من ذلك مروان بن أمية في خبر يطول ذكره‏.