امام محمد الجواد (ع) سیرة و تاریخ

السید عدنان الحسینی

نسخه متنی -صفحه : 143/ 53
نمايش فراداده

(56)

فأمر المأمون أبا جعفر عليه السلام أن يدخل بأم الفضل من فوره بعد أن هُيّئت له دار أحمد بن يوسف ـ من أعوان المأمون ـ التي على شاطئ دجلة ، فأقام بها مدة لا تقلّ عن تسعة أشهر ، فلما كان أيام الحج ، خرج بأهله وعياله حتى أتى مكة ، ثم منزله بالمدينة ، فأقام بها (1) .

كما أن قرائن أخرى تشير إلى أن هناك مشكلة زوجية كانت قائمة بين الاِمام وزوجه أم الفضل ، كان المأمون ـ على ما يبدو ـ قد وعد ابنته الشابة المراهقة على حلّها؛ لكثرة ما كانت تكتب من رسائل إلى أبيها شارحة فيها حظها العاثر (2) ، وتفضيل الجواري والسراري عليها ، بل وكانت تدعو على أبيها على هذا الزواج غير الموفّق (3) ؛ لاَنّها حسب الظاهر لم تكن تصلح لاَن تكون حليلة للاِمام عليه السلام وأُمّاً لاَولاده ، وهي كذلك بالفعل .

فقد لمس البيت المأموني الوضع الكئيب لابنتهم ، وأصبح الاَمر يقلقهم كثيراً ، بل إنّ المأمون ما زوّج ابنته من أبي جعفر عليه السلام إلاّ ليستولدها منه ، ويكون جدّاً لاَحد أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما يقوّي مركزه السياسي في الحكم ، كما صرّح هو بذلك حين أفصح عن أحد الدواعي التي دفعته إلى هذا التزويج ، وهو السياسي المحنّك الذي ينظر إلى مدىً أبعد مما ينظره غيره ، فقال : ( إنّي أحببت أن أكون جدّاً لامرئ ولَدَه رسول الله ، وعليّ بن أبي طالب ) (4) ؛ ولهذا السبب وحده كان هذا الاستدعاء المفاجئ والعاجل ،

1) تاريخ الطبري 8 : 623 .

2) راجع : الارشاد 2 : 288 . ومناقب آل أبي طالب 4 : 382 . والفصول المهمة : 270 . وبحار الاَنوار 50 : 79 | 5 .

3) مشارق أنوار اليقين | الحافظ البرسي : 98 .

4) تاريخ اليعقوبي 2 : 454 ، الطبعة السادسة ـ دار صادر ـ بيروت 1415 هـ .