( 184 )
وهناك لون آخر نشاهد وقائعه تمر مع مسيرة الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) الحياتية فإن عطاءه كان يشتمل على نحوين من الإحسان .
تقول مصادر التاريخ ان الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) كان يخرج في الليل وهو يحمل الطعام ، والكساء ، والدراهم ، والدنانير ، وربما حمل الحطب على كتقه ليوزع كل ذلك على الفقراء ، وهو متنكر لا يريد أن يعرفه الفقراء ، ولكنهم عرفوه بعد وفاته لأنهم افتقدوه بعد انقطاعه عنهم .
وليس هذا النوع من العطاء بعيداً عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) فقد تلقاه عن مسيرة جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وشاركه بهذه المسيرة أولاده ، وأحفاده من أئمة أهل البيت ( صلوات الله عليهم ) وكانوا يقولون لمن يعترض عليهم هذه الطريقة لما فيها من الانهاك ، والتعب ، ولربما بعض الشيء من النقص عندما تصدر من أحدهم وهو على جانب كبير من المهابة والأجلال : " صدقة الليل تطفيء غضب الرب " .
وكان كثير من الأئمة يسيرون على هذه الطريقة مع بعض أرحامهم وهم لا يعرفونه ولربما صدر من بعضهم الدعاء عليه لأنه لم يصله ، والإمام يغضي عن ذلك ولا يلتفت إليه لئلا يعرفه .
] كل ذلك للحفاظ على كرامة المحتاجين والتستر على الحالة التي هم عليها .