( 98)
ومرة أخرى تؤكد هذه الآية ما افادته الآية السابقة من غنى الله وفقر العبد اليه ، ولكن في التكرار معنىً جديد تفيده الآية وقد نبهت عليه وبه تمتاز هذه الآية عن سابتقها .
ان هذه الآية أعطت صورة مميزة لغنى الله عن غنى البشر ، وقد جاء بذلك بوصف الغني بأنه " الحميد " .
" أن تذييل الآية بصيغة الحميد للإشارة إلى انه غني محمود الأفعال إن اعطى وإن منع لانه اذا اعطى لم يعطه لبدلٍ لغناه عن الجزا ء والشكر ، وكل بدل مفروض .
وإن منع لم تتوجه إليه لائمة إذ لاحق لاحد عليه ولا يملك منه شيء " (1) .
وهذا بعكس ماعليه الغني من بني الإنسان فإنه ان أعطى فإنما هو لبدل ليشكر وليمدح ، وإن منع توجه عليه اللوم اذ في أمواله حق معلوم للسائل والمحروم ، فبتقصيره وعدم الإنفاق يتوجه عليه اللوم .
وفي تأنيب آخر ضمن آية كريمة أخرى عرضت لنا صورتين لشخصين منفق وبخيل ، وما يجري على كل منهما :
( فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى * وما يغنى عنه ماله إذا تردى ) (2) .
من خلال هذه المقابلة الدقيقة التي يجريها القرآن الكريم بين
(1) الميزان في تفسيره لهذه الآية الكريمة . (2) سورة الليل | آية : 5 ـ 11 .