براءة آدم حقیقیة قرآنیة

السید جعفر مرتضی العاملی

نسخه متنی -صفحه : 115/ 57
نمايش فراداده

فقد ينهاه أبوه عن ذلك، لأن التكاليف باهظة، ولأنه يعرض نفسه بذلك إلى آلام الجراحة، وإلى مرارة الأدوية، ووخز الإبر، والقعود عن العمل أياماً..

ولكنه لو أقدم على ذلك، فسيحصل على نسبة جمالية كان يتمناها، ولا يرفض أبوه حصولها له، كما أن الله سبحانه يسهل له الأمور، ويعفيه من الوضوء، وينقله إلى التيمم، ويقبل منه الصلاة من جلوس، ولا يلزمه بإزالة دم الجروح والقروح في حالات معينة، وما إلى ذلك..

والحال بالنسبة لآدم عليه السلام النبي الكامل، الذي يسعى للحصول على المزيد من الكمالات والقربات هو ذاك، فإنه إذا بلغ درجة الكمال، وهي درجة المئة مثلاًً ـ وأراد أن ينال الدرجات التي بعدها، ورأى أن ذلك في حدود الميسور المقدور، فسوف يحمل نفسه أعظم المشاق في سبيل ذلك. ولن يرضى بالجمود والركود، بل سيكون حاله حال النبي إبراهيم عليه السلام الذي بلغ اليقين في إيمانه، أراد أن يحصل على درجات أعلى وأعلى، فيصل مثلاً إلى درجة علم اليقين، وعين اليقين، وذلك هو قوله تعالى:

{قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}..[47].

الفصل الخامس: وسائل الإقناع..

العروض الإبليسية:

والأمور التي حاول إبليس أن يغري آدم عليه السلام بها {فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ} هي:

«أن الأكل من الشجرة يحقق له أموراً ثلاثة، تهمه جداً.. أشار إليها تعالى بقوله: {هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى}..

وبقوله: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}..

وهذه الأمور الثلاثة هي التي تحل المشكلات الثمانية التي كنا قد أشرنا سابقاً إلى أن إبليس كان بحاجة للتغلب عليها، وتجاوزها..