آلة الکلام (النقدیة..)

محمد الجزائری

نسخه متنی -صفحه : 214/ 206
نمايش فراداده

و.. بألم علق بالعامية: "والله شنو.. أخذتها من هنا...وفطست من هنا"

-.. يعني.. (بحرقة يقولها).. والفضية تلون ملامحه، مع ألم بالغ،.. ويشرد عنا،.. ثم.. يفطن، ويردف:

- والثانية- الدالية- الجديدة- التي ألقيتها في حفلة الرابطة الأدبية في النجف- ويتهدج صوت (ابي فرات)، تشعر أن معاناة السنين تتخثر في حنجرته لحظتها، ثم ينفث شعره كأنه ينفث ناراً تحرق "الأفاعي" التي حاولت منه "ثلماً"

يعلو صوته،

يعلو أكثر،

يغدو مليئاً عنفواناً،

ثم... كهدير نشيد جماعي يتصاعد بمطلع الدالية:

(أزح عن صدرك الزبدا

ودعه يبث ما وجدا

وخل حطام موجدةٍ

تناثر فوقه قصدا

ولا تحفل فشقشة مشت

لك لن تجيش غدا

ولا تكبت فمن حقب

ذحمت الصبر والجلدا)

تحفز أبو فرات، كانت عروق جبينه (تدق)... نافرة بنبض حاد، وهدر الصوت الرخيم ثانية:

(أزحْ عن صدرك الزبدا

وهلهل صادحاً غردا

أأنت تخاف من أحدٍ

أأنت مصانع أحدا

تركت وراءك الدنيا

وزخرفها وما وعدا

تركت وراءك الدنيا

وزخرفها وما وعدا..

تركت وراءك الدنيا

وزخرفها وماوعدا..

وثلاثاً...كرر البيت الأخير،... ثم... عاد ليتم به تصعيد الدالية:

وما منتك مثقلة

بما يغريك أن تلدا

ورحت وعندك الدنيا

تجيع الأهل والولدا

تضيق بعيشةٍ رغدٍ

وتهوى العيشة الرغدا

ويدنو مطمح عجب

فتطلب مطمحاً بعدا

ويدنو حيث فات مدىً

وضعت سدى وضقت يدا

أفلآن المنى منح

وكانت رغوة زبداً

وهبك أردت عودتها

وهبك جهدت أن تجدا

فلست بواجدٍ أبداً

على السبعين ما فقدا

وصمت.. كصمت البحر...، فقط صدى غضبه بتردد، يترجع في أعماقنا،... حتى نفض الجواهري حالة الصمت بقوله: (يعني.. كله ذو علاقة.. الآن يقول البعض: "متأخر... منتهي"... ثق حتى نوبل...ثق..)