لا أريد أن أتوقف عند الشكل السكوني الذي انتهت إليه مسرحية عبد الفتاح حين أعلن الجندي والمحكوم (عذابنا) وتحول الجندي إلى تمثال فقد يكون منطلق عبد الفتاح أن مهمة النظارة أن يقولوا شيئاً وأن يتحركوا من (سكونيتهم) وليس ذلك من مهمة المسرحية التي قد تكتفي بالتحريض على القول.. ولكني سأشير إلى أن الحوار -وهو عماد المسرحية- كان يدور ضمن مقولات تفتح آفاقاً أوسع للمتلقي مما أعطى اللعبة نشاطها الذي حاول عبد الفتاح تأكيده بدور الأم كي تنفح العمل (نفساً درامياً) في صرخاتها البكائية-رغم ما يمكن أن يفسده غيابها في تأويل الرمز.. أما شخصية المحامي فلم تنل من عناية عبد الفتاح قدراً كافياً على توضيحها وإبرازها مما أفقدها حضورها المسرحي، مع أنها نطقت بحكمة الكاتب (الإنسان لا يموت، وعندما يرضى بالموت لا يعود إنساناً) على ما تنم عنه السياسي.
كلمة أخيرة للكاتب قلعه جي وهو يخطو بمسرحنا السوري هذه الخطوة التجريبية الجريئة في البحث عن شكل جديد للمسرح: احذر إنه خطر.. مع قناعتي بأن تجربة عبد الفتاح الطويلة، وثقافته الأكاديمية والتزامه الطبقي تمكنه جميعاً من تجاوز هذا الخطر، إلى رفد الحركة المسرحية بنجاح وثقة.