عندما حدد كلود مونيه موضوع الرسم بوصفه موضوع (تثبيت اللحظة الإلهية)، يمكننا دون الخوف من الخضوع لإغراء المقارنة، التساؤل، إذا لم يكن يوجد تعريف لفعل الإبداع الصالح لعصر معين يبدأ مع ما نسميه حداثة، عندما نتذكر التعريف الذي أعطاه له بودلير في كتابه (Salon) (1845)، ويجب أن يؤخذ في كليته لتجنب تفسيرات خاطئة مزعجة: "الحداثة هي الانتقالي (المؤقت)، والزائل، والعارض، ونصف الفن، ونصفه الآخر هو الأبدي، والثابت".
اللحظة عند مانيه تقابل اللحظة الشعرية، والزمن العمودي عند غاستون باشلار، والقصائد التي أراد جان بول سارتر، أن (يبدعها) في (مذكراته عن دوار الحرب) ، "هذه المواد برّاقة وعبثية، تشبه سفينة في قارورة، وأبدية اللحظة"، أو التعريف الذي يعطيه الروائي ارنيستو سيباتو للفن: يعطي الإنسان لنفسه، من خلال الفن، لحظات من الخلود.
بالنسبة لمالرو، الفن هو الإمكانية الوحيدة التي يمتلكها الإنسان لتغيير قدر مفروض إلى قدر مُسيطر عليه. ومثل ذلك من العناصر لجعل الفن، في هذه الحالة، ليس وسيلة اتصال (التي نقصره عليها طوعاً)، ولا حتى إمكانية إعطاء أشكال للمادة (القدرة التشكيلية الشعرية)، ولكن إرادة الإنسان المبدع في تشييد عالم ثانٍ من أجل جعل العالم الذي أعطي له ليعيش ويموت فيه معقولاً ويمكن العيش فيه.
سيقال إن ذلك خلط بين الأدب العام والمقارن وبين الفلسفة. يمكننا أن نرد على ذلك بأنه يجب في يوم من الأيام مواجهة مايمكن أن يعطيه هذا التبدل في الصيغة القانونية (x و y) التي لم تدرس كثيراً بصورة حقيقية. بعبارة أخرى ومع أقل الطموحات: هل تستطيع دراسة العلاقات بين الأدب والفنون أن تتجاهل العلاقات بين الأدب وعلم الجمال؟ وهل تستطيع نظرية للأدب أن تتجاهل العلاقات بين الأدب والفلسفة؟ إن معالجة هذه الأسئلة والإجابات المحتملة عليها تعتمد على الوثائق المحفوظة: مثل شهادات الفنانين، وكتابات الشعراء الذين هم فلاسفة أيضاً (أو العكس)، وكل نص يمكن استجوابه ويتعرض، بطريقة نظرية أو غير مباشرة، من الخارج أو من الداخل، لطبيعة الفن ووظيفته، أو لفعل الإبداع المطروح كموضوع للدراسة أو التأمل، هنا مثلما في أماكن أخرى، لا يكون المقارِن، حقيقة، في موضع البحث عن نظام تفسيري ولكن عن اقتراحات، وطرق وصول إلى إعادة تعريف مايسمى أدباً.