هناك مفارقة يجب التأمل فيها: إن إشكالية الأدب العام والمقارن أساسية ومكملة في الوقت نفسه، وهذا المقرر اختياري في التعليم العالي، ومنسي في التعليم الثانوي.
تُطرح مسألة وضعه إذن ضمن الوسط الجامعي والمدرسي، وهذه المسألة هي التي تغرق الجماعة المقارنية ضمن أزمة هوية وتدفعها إلى التفكير بخصوصية تعليمها وبحثها، وتعليم المقرر ووظائفه، ومهماته.
إننا نكتشف بفائدة في كتاب فإن تييغم (1931) أنه (منذ عام 1905 تشتمل برامج المدارس العامة الابتدائية (مفهومات من الآداب الأجنبية)، وأنه (منذ عام 1928، يتلقى طلاب الثانويات، من الفتيان والفتيات، خلال فصل دراسي، أولاً مفهومات من الآداب الأجنبية التي تدرس ضمن علاقاتها مع الأدب الفرنسي (باستثناء الطلاب الذين يدرسون اللغة اليونانية). ونقرأ بالاهتمام نفسه في -التعليمات الخاصة بتعليم الفرنسية. أنه (في الصف الثاني يتحدد الوصول الحاسم إلى الأدب).
(يتابع -المدرس -الجهد الذي شُرِع به في الثانوية من أجل تشجيع اللقاء والحوار بين الثقافات المختلفة، عن طريق اقتراح نصوص مكتوبة باللغة الفرنسية كتبها مؤلفون أجانب وذلك بصورة عرضية( (ويفسح المجال أمام أعمال أجنبية قديمة أو معاصرة: يسمح التجوال في الآداب الأخرى بالتحديد الأفضل لأدبنا، ويفتح لكل شخص إمكانية إغناء ثقافته" وكذلك أيضاً: "إن دراسة الأعمال الفنية المرتبطة بدراسة الأعمال الأدبية مفيدة إذا أردنا فهم روح عصر (مثل عصر النهضة) أو تحديد معايير جمالية معينة (مثل الباروكية)" وأيضاً: "يأخذ أستاذ الآداب في الحسبان وجود الصور في ثقافة اليوم وأهميتها وذلك بالتعاون مع أستاذ الدروس الفنية. إنه يوسع المعارف المكتسبة في الثانوية في هذا المجال ويعمقها. وأخيراً: "يوضح التحليل النقدي للاقتباسات السينمائية أو التلفزيونية لرواية ما خصوصية كل لغة ويجعل الطلاب أكثر قدرة على قياس قدرات طرق التعبير المختلفة هذه وآثارها."
بالنسبة للبرامج: "سنستعيد المؤلفين الأجانب باللغة الفرنسية، والمؤلفين القدماء أو الأجانب المترجمين، والأعمال والنصوص غير الأدبية تحديداً. وبالنسبة لكل هذه الدراسات، وكلما أمكن ذلك، سنربط بين النص والصورة، وبين النص والموسيقا." ستُدرس أولاً (العلاقات بين الأدب والفنون، والحضارة بالنسبة لعصر معين، أو بالنسبة لحركة فنية) يتعلق الأمر (بدراسة النصوص ومقابلتها). (ستُظهر المقاربات بين النصوص التشابهات والاختلافات، والاستمراريات والانقطاعات مع الاحتفاظ بخصوصية كل نص ضمن تاريخ الأشكال والأفكار" وفي "النهاية تُقدّر دراسة عمل عظيم مترجم من الأدب العالمي (القديم أو الأجنبي)"، "عمل يوضح العلاقات بين الأدب والفنون الأخرى (الرسم، الموسيقى، السينما- إلخ") أما بالنسبة للأستاذ فإنه "يظهر فائدة التقاربات والمقارنات التي، من خلال الربط المنهجي بين النصوص، والمجالات، والعوالم الثقافية المختلفة، توضح أصالة الأعمال وخصوصية الفروع المعرفية: التقاربات بين الأدب والفن... العلاقات بين الأدب والفكر الفلسفي... المقارنات بين آداب العصور واللغات المختلفة".
في كل حالة، تعطى بعض الأمثلة: بودلير، دولاكروا، س، غيز، فاغنر، "الأدب، والرسم، والنحت، والسينما السرياليين"، "لوكليرك والأبيقورية"*، "بروست وفلسفات عصره"، "القصة في القرن العشرين". يُفهم هنا سبب حرصنا على ذكر هذه النصوص كثيراً لأنها تلخص البرنامج الذي دُرِس هنا في ثمانية فصول، وتعيد استخدام الكلمات الرئيسية في المقارنية: الحوار، الدورة، العلاقة، التقارب، الاقتباس... الخ. نظرياً، يبدو خطأ القول إن الأدب العام والمقارن غائب من التعليم الثانوي: إنه يبدو حاضراً في كل مكان بدءاً من الصف الثاني. ولكن المسألة في هذه النصوص ليست إلا مسألة الأستاذ، والمدرس، والبرنامج، وليست أبداً مسألة الطلاب، أو النظام التعليمي، أو مجالس الصف، أو آباء الطلاب.