تصحیح التصحیف و تحریر التحریف

صلاح الدین خلیل بن ابیک الصفدی

نسخه متنی -صفحه : 101/ 2
نمايش فراداده

تصحيح التصحيف وتحرير التحريف للصفدي معجم طريف. رتب فيه الصفدي على حروف المعجم مواد طائفة من الكتب المصنفة في التنبيه على التصحيف، مع الإشارة إلى كل كتاب برمزه،قد قدم له بمقدمة في (42) صفحة، نبه فيها إلى عموم المصيبة بالتصحيف. ال: (وقد فشا ذلك في المحدثين والفقهاء والنحاة وأهل اللغة ورواة الأخبار ونقلة الأشعار، ولم يسلم من ذلك غير القراء، لأنهم يأخذون القرآن من أفواه الرجال، وأما في الزمن القديم فقد وقع لبعض القراء عجايب وغرايب) ثم ساق نماذج من تصحيفات كل هذه الطوائف، وافتتحها بما يحتمل هجاؤه لفظين من القرآن،ثم أورد قطعاً من نوادر الشعر في عصره، مما تبارى به الشعراء على تقفية القصائد باسم يتصحف إلى عشرات المعاني. ثم ساق طائفة من الأبيات التي وقعت فيها تصاحيف كثيرة، المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم عفوك اللهم الحمد لله الذي لا يُغلِّظه اختلافُ المسائل، ولا يُثبّطُه عن الجُوْد الدّائم إلحافُ السّائل، ولا يُسخِطُه كثْرة الذنوب إذا كانَ الاستغفارُ لها منَ الوسائِل، نحْمَده على نعَمِه التي وسّع الحمْدُ مجالسَها، ووشّعَ الشُكْر ملابِسَها، وضوّع الاعترافُ بها مغارسَها، وضوّأ حنادِسَها، ونشْهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحْدَه لا شريكَ له، شهادةً لا يدخُلُ تحريرَها تحريفٌ، ولا يُخِلّ بتصحيحها تصحيفٌ، ولا يدفَعُ تسويغَ أدلّتها تسْويف، ونشهَد أنّ سيّدَنا محمداً عبدُه ورسولُه أفصحُ مضنْ نطَقَ، وأبلغُ منْ قرَع الأسماعَ لفظه وطرَق، وأعرفُ من أوتيَ جوامَ الكلِم فاندفع سيْلُ بلاغتِه في البطحاءِ واندفقَ، صلّى الله عليه وعلى آلهِ الذينَ كانوا للهُدى مَصابيح وللجَدى مجاديح وللنّدى إذا أغلقتْ أبوابُه مفاتِيح، صلاةً تتوثّقُ أمراسُ رِضْوانِها، وتعبَقُ أنفاسُ غُفرانها ما دَعا الحقُ لبيباً فلبّاه، ورَعى الصدقَ أريبٌ فربّاه، وشرّفَ ومجّدَ وكرّم وسلّم تسليماً كثيراً الى يوم الدّين. وبعد فإنّ التصحيفَ والتّحريفَ قلّما سلِم منهما كبير، أو نَجا منهما ذو إتقانٍ ولو رسَخَ في العِلم رسوخَ ثَبير، أو خلَصَ منمعرَّتِهما فاضلٌ ولو أنّه في الشجاعة عبدُ اللهِ بن الزُبَيْر، أو في البراعة عبدُ الله بن الزَّبير، خصوصاً ما أصبح النقلُ سبيلَه أو التقليدُ دَليلَه، فقد صحّفَ جماعةٌ هم أئمةُ هذه الأمّة، وحرّفَ كِبارٌ بيدهم من اللُغةِ تصْريفُ الأزِمّة، منهم من البَصْرة أعيان كالخليل بن أحمد، وأبي عمْرو بن العَلاء وعيسى بن عُمر، وأبي عبيدَة مَعْمَر بن المُثنّى وأبي الحسن الأخفش وأبي عثمان الجاحِظ، والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وأبي عُمر الجَرْمي، وأبي حاتم السجستاني وأبي العباس المُبَرَّد. ومن أئمة الكوفة أكابر: كالكسائي والفرّاء والمفَضَّل الضّبي وحمّاد الرّاوية وخالد بن كُلثوم وابن الأعرابي وعلي الأحمر ومحمد بن حبيب، وابن السِّكيت وأبي عُبيد القاسم بن سلاّم وعلي اللِّحياني والطوال وأبي الحسن الطوسي وابن قادِم وأبي العباس ثعلب. وحسبك هؤلاء السادة الأعلام، والقادة لأرباب المَحابر والأقلام، وكل منهم: إذا تغلْغَلَ فِكْر المرءِ في طرَفٍ منْ عِلمِه غرِقَتْ فيه أواخِـرُهُ وإذا كان مثل هؤلاء قد صحّ أنهم صحّفوا، وحرّر النقلُ أنهم حرّفوا، فما عسى أن تكون الحُثالة من بعدِهم، والرذالةُ الذين يتبهرجونَ في نقدِهم، ولكن الأوائل صحّفوا ما قَلّ، وحرّفوا ما هو معْدود في الرّذاذ والطّل، فأما من تأخّر، وبَخّ قطْرُ جهلِه على سِباخ عقلِه وبخّرَ، وزادتْ سقطاتُه على البَرْق المتألّق في السحاب المُسَخّر فإنّهم يُصحّفون أضعافَ ما يُصحّحون ويحرّفون زياداتٍ على ما يحرّرون، ولقد كان غلَط الأوائل قليلاً معدوداً وسبيلاً بابُ اقتحامِه لا يزالُ مرْدوماً مردوداً، تجيءُ منه الواحدةُ النّادرةُ الفَذّة، وقلّ أنْ تتْلوَها أختٌ لها في اللّحاق بها مُغِذّة، فأما بعد أولئك الفُحول، والسُحب الهَوامِع التي أقْلعتْ، وعَمَتْ رياضَ الأدَب بعدهم نوازلُ المحول، فقد أتى الوادي فطَمّ على القَريّ، وتقدّم السقيمُ على البَري: فليْتَ أنّ زَماناً مرّ دامَ لنا وليْتَ أنّ زَماناً دامَ لمْ يَدُمِ قال صاحبُ الأغاني: حدثني محمد بن جرير الطّبري أنا أبو السّائِب ثنا وَكيع عن هِشام بن عُروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تُنشِدُ بيتَ لَبيد: ذهبَ الذينَ يُعاشُ في أكنافِهـمْ وبقيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأجْرَبِ