خلفاء للإسلام فيما لو علمتم الناس الإسلام. ولا تقولوا لندع ذلك إلى حين مجيئ صاحب الزمان (ع).
فهل تتركون الصلاة في حال من الاحوال لتأدوها حين مجيء صاحب الزمان (ع) ؟
ان حفظ الإسلام أهم، ووجوبه اشد من الصلاة. لا تحملوا منطق حاكم (قاضي) خمين الذي كان يقول: يجب ترويج المعاصي لكي يظهر صاحب الزمان (ع). فلو لم تكثر المعاصي ألا يظهر صاحب الزمان؟! لا تجلسوا هنا لمجرد الدرس، بل تعرفوا على جميع الأحكام الإسلامية، وانشروا الحقائق. ألِّفوا الكتب (والكتيبات) واطبعوها وانشروها، وستكون مؤثرة حتماً. بحسب تجربتي فإنها ذات تأثير.
روى علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال: رسول الله (ص) : الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا؟
قال: اتباع السلطان. فاذا فعلوا ذلك، فاحذروهم على دينكم
تحليل هذه الرواية يحتاج إلى بحث مطول، ونحن نتكلم هنا فقط حول جملة الفقهاء امناء الرسل التي هي محل البحث، ولها علاقة بولاية الفقيه. وفي البدء ينبغي أن نرى ما هي وظائف وصلاحيات الانبياء، لكي نعرف ما هي وظائف الفقهاء الذين هم أمناؤهم ومعتمدوهم.
إن هدف بعثة الانبياء وعملهم لا ينحصر بحسب حكم العقل وضرورة الأديان بمجرد بيان المسائل والأحكام. فلم ينصب الله تعالى الرسول (ص) ومن بعده الأئمة (ع) لمجرد نقل الأحكام والمسائل وبيانها للناس بأمانة، ومن ثم قاموا هم (ع) بايكال هذه الامانة للفقهاء، لينقلوا بدورهم الأحكام التي اخذوها من الانبياء بأمانة فيكون معنى الفقهاء امناء الرسل أن الفقهاء أمناء في بيان الأحكام (فهذا ليس صحيحاً)، إذ أن أهم وظيفة للانبياء في الحقيقة هي إقامة نظام اجتماعي عادل من خلال تطبيق القوانين والأحكام، والذي يتلازم بالطبع مع بيان الأحكام ونشر التعاليم والعقائد الالهية. كما يظهر هذا المعنى بوضوح من الآية الشريفة: {ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط}
ان هدف بعثة الانبياء بشكل عام تنظيم الناس بعدالة على أساس من العلاقات الاجتماعية، وتقويم آدمية الانسان. وهذا إنما يمكن من خلال تشكيل الحكومة وتنفيذ الأحكام، سواء وفَّق النبي بنفسه لذلك كالرسول (ص)، أو كان ذلك لاتباعه بعده. يقول الله تعالى حول الخمس : {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى} ويقول حول الزكاة {خذ من أموالهم صدقة} كما يصدر بعض القرارات حول الخراج . وفي الحقيقة لم يكلف النبي (ص) ببيان هذه الأحكام للناس فحسب، بل بتطبيقها أيضاً. فكما يجب عليهم نشر الأحكام بين الناس، فهم مكلفون أيضاً بتنفيذها: بأخذ الضرائب نظير الخمس والزكاة، وصرفها في مصالح المسلمين، ونشر العدالة بين الشعوب وافراد البشر، واجراء الحدود، والحفاظ على أراضي البلاد واستقلالها، وعدم السماح لأحد بان يتصرف في ضرائب الدولة الإسلامية بالظلم والحيف.
إن جعل الرسول الأكرم (ص) رئيساً وعدَّ طاعته واجبة {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ليس المراد منه أنه إذا ذكر الرسول حكماً فيجب علينا القبول والعمل به، فالعمل بالأحكام إطاعة لله عز وجل، وكل الاعمال العبادية وغير العبادية التابعة للأحكام هي اطاعة لله. اتباع النبي الأكرم (ص) ليس عملا بالأحكام، وإنما هو أمر آخر. اجل فإطاعة الرسول الأكرم (ص) هي بمعنى من المعاني إطاعة الله، لأن الله قد أمر أن نطيع رسوله (ص). فإذا أمر الرسول الأكرم (ص) ـ الذي هو رئيس المجتمع الإسلامي وقائده ـ أمر الجميع بلزوم الذهاب إلى الحرب مع جيش اسامة فلا يحق لأحد ان يتخلف. وهذا ليس امر الله، وانما هو امر الرسول. فالله تعالى قد أوكل الحكومة والقيادة له (ص) ويقوم هو (ص) وفقاً للمصلحة بتجييش الجيوش، وتعيين القضاة والحكام والولاة، أو يعزلهم.
الفقهاء أمناء للرسل في تنفيذ القوانين وقيادة الجيوش وادارة المجتمع والدفاع عن البلاد وأمور القضاء