حکومة الاسلامیة

سید روح الله الموسوی الخمینی

نسخه متنی -صفحه : 72/ 8
نمايش فراداده

لتعود ثمرة القوانين والأحكام العادلة للحاكم على الشعب. لذا فكما قام الإسلام بالتشريع، فأنه أقام سلطة تنفيذية أيضاً، وولياً للامر يتصدى للسلطة التنفيذية.

طريقة الرسول الأكرم (ص) وسنته

ان سنة الرسول الأكرم (ص) ونهجه دليل على لزوم تشكيل الحكومة، وذلك:

أولاً: لأنه هو (ص) قام بتشكيل حكومة. والتاريخ يشهد بذلك، وقام بتطبيق القوانين، وتثبيت انظمة الإسلام، وادارة المجتمع، فأرسل الولاة إلى رؤساء القبائل والملوك، وعقد المعاهدات والاتفاقات، وقاد الحروب.

والخلاصة أنه قام بتطبيق مسائل الحكم والدولة.

وثانياً: عين حاكماً بعده بأمر من الله تعالى، وعندما يعيّن الله تعالى حاكماً للمجتمع بعد الرسول الأكرم (ص) فهذا يعني لزوم استمرار الحكومة بعد النبي (ص) أيضاً. وبما أن الرسول الأكرم (ص) أبلغ الأمر الالهي في وصيته، فيكون بذلك أفاد ضرورة تشكيل الحكومة أيضاً.

ضرورة استمرار تنفيذ الأحكام

من البديهي أن ضرورة تنفيذ الأحكام التي استلزمت تشكيل حكومة الرسول الأكرم (ص) ليست منحصرة ومحدودة بزمانه (ص)، فهي مستمرة أيضاً بعد رحلته (ص). وفقاً للآيات القرآنية الكريمة فإن أحكام الإسلام ليست محدودة بزمان ومكان خاصين، بل هي باقية وواجبة التنفيذ إلى الأبد.

فلم تأت لأجل زمان الرسول الأكرم (ص) لتترك بعده ولا تنفّذ أحكام القصاص، أي القانون الجزائي للإسلام. أو لا تؤخذ الضرائب المقررة، أو يتعطل الدفاع عن الأراضي والأمة الإسلاميتين. والقول بأن قوانين الإسلام قابلة للتعطيل، أو أنها منحصرة بزمان أو مكان محددين خلاف الضروريات العقائدية في الإسلام. وعليه فبما أن تنفيذ الأحكام ضرورة بعد الرسول الأكرم (ص) وإلى الأبد، فإن تشكيل الحكومة وإقامة السلطة التنفيذية الإدارية يصبح ضرورياً. فبدون تشكيل الحكومة، وبدون السلطة التنفيذية والادارية ـ والذي يجعل جميع تصرفات وانشطة افراد المجتمع خاضعاً لنظام عادل، وذلك عن طريق تنفيذ الأحكام ـ بدون ذلك تلزم الفوضى، ويتفشى الفساد الاجتماعي والعقائدي والأخلاقي.

إذن لا مفر من تشكيل الحكومة، وتنظيم جميع الأمور التي تحصل في البلاد منعاً للفوضى والتفسخ. وعليه فما كان ضرورياً في زمان الرسول (ص) وأمير المؤمنين (ع) بحكم العقل والشرع، من إقامة الحكومة والسلطة التنفيذية والادارية، فهو ضروري بعدهم، وفي زماننا أيضاً.

ولتوضيح المطلب نطرح هذا السؤال وهو: هل يجب أن تبقى الأحكام الإسلامية طيلة فترة ما بعد الغيبة الصغرى إلى اليوم حيث مضى اكثر من الف عام، ومن الممكن أن تمر مائة الف عام أخرى دون أن تقتضي المصلحة ظهور صاحب الأمر ـ فهل يجب أن تبقى مطروحة وبلا تطبيق، وليعمل كل امرءٍ ما يشاء؟ ولتعم الفوضى؟ فهل كانت القوانين التي جهد الرسول الأكرم (ص) في سبيل بيانها وابلاغها ونشرها وتطبيقها مدة ثلاث وعشرين سنة، هل كانت لمدة محدودة فقط؟ وهل حدَّد الله تعالى تنفيذ أحكامه بمدة مئتي سنة فقط؟ وهل ترك الإسلام كل ما فيه بعد الغيبة الصغرى؟

الاعتقاد بأمور كهذه أو إظهارها أسوأ من الاعتقاد أو الإظهار للقول بنسخ الإسلام.

لا أحد يستطيع القول أنه لم يعد من الواجب الدفاع عن حدود وثغور جميع أراضي الوطن الإسلامي، أو أنه لا يجب أخذ الضرائب من الجزية والخراج والخمس والزكاة في هذه الايام، أو أنه يجب تعطيل قانون الإسلامي العقوبات والديات والقصاص. فكل من يقول أنه لا ضرورة لتشكيل الحكومة الإسلامية، فهو منكر لضرورة تطبيق الأحكام الإسلامية، ولجامعيتها، ولخلود دين الإسلام المبين.

موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)

لم يتردد أحد من المسلمين في لزوم الحكومة بعد رحلة الرسول الأكرم (ص). فلم يقل أحد لا