جاء في تاريخ ابن خلدون: " ولما احتضر أبو بكر عهد إلى عمر، رضي الله عنهما بالأمر من بعده، بعد أن شاور عليا وطلحة وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم، وأخبرهم بما يريد فيه، فأثنوا عليه رأيه فأشرف على الناس وقال: إني قد استخلفت عمر لو آل لكم نصحا فاسمعوا له وأطيعوا ودعى عثمان فأمره فكتب " (63).
افتتح ابن خلدون عهد عمر بن الخطاب بهذه الفقرة. وجعلها بحيث تبدو مقنعة شافية، بعد أن أودعها فتوقا وثلما أفسدت المقصود الواقعي لهذا النص التاريخي، ذلك عندما لم يشر إلى ما شهدته تلك اللحظة الحرجة من استخلاف عمر بن الخطاب، من مشادات كلامية، تبين إلى أي حد وصلت قناعة الصحابة برفض هذا الرجل، وتبين أيضا، الشق الثاني للعبة السقيفة التي أشار إليها من قبل علي (ع) حين قال: إحلب حلبا لك شطره.
إن السقيفة يمكننا قراءتها بشكل واضح على هذه الصفحة الاستخلافية المهمة، لأنها تعبير واضح عن منهجها، وامتداد حقيقي لها.
ولعمري، هذا ما دفع ابن خلدون إلى التجافي عن عرض وقائع استخلاف أبي بكر لعمر، تجنبا للوقوع فيما يعزز طرح الناقدين، وإمعانا منه في إكمال سبك
(63) تاريخ ابن خلدون، ص 494 ج 2.