الغاية من هذه الاطلالة الموجزة والسريعة في أحوال الثلاثة: أبو بكر وعمر وعثمان، هو أن نعيد تشكيل المنظار الذي من خلاله نظرت العامة إليهم وهو ما عنينا به قبلا، - الأصنام - وليس الصنم سوى تقديس الوهم، وأسطرت التاريخ، وتضبيب الغاية من نزول الرسالة، وأذكر يوم كنت من المعجبين بعمر بن الخطاب، حيث أبهرني ما اشتهر به من عدل واستقامة، حتى ظننت أنني أمام نموذج من الكمال لا يدانيه سوى الخيال، ووقعت تحت تأثيره لمدة طويلة، ويا لها من خشونة تلك التي كنت أحسب أنها سلوك الإسلام، ويا لها من علاقة قاسية كانت تقوم بيض وبين المحيط من حولي، لقد اكتشفت عمر بن الخطاب شيئا فشيئا.
وانتهيت كافرا به وما أن كفرت بعمر، حتى تغيرت سلوكي وأمست أكثر استجابة لهمسة التعاليم الإسلامية وتحررت مشاعري من عمر، وكانت كبرى الانتصارات التي جاهدت من أجل تحقيقها، هي أن أخرج من كهوف عمر بن الخطاب إلى روضة الإمام علي (ع) وإلى عالم البيت الهاشمي.. وهكذا. لن يكون لهذا الأمة من شأن حتى تعيد النظر في رؤيتها التاريخية، وتتحرر من عقدة الصنمية وتسافر في رحاب الرسالة الإسلامية بعقل جديد.. وذهنية جديدة.