مذاهب الأدبیة لدی الغرب

عبدالرزاق الأصفر

نسخه متنی -صفحه : 104/ 52
نمايش فراداده

شعراء بارناسيون آخرون

1-هيريديا J.M.de heredia ( 1842-1905)

بقي هذا الشاعر مخلصاً للبرناسيّة، وأصدر عام 1893 مجموعته الشعرية les tropheés فأودعها كل فنّه، بحيث كانت كلّ مقطوعة تساوي قصيدةً كاملة، لما تتميز به من التكثيف واللغة السليمة العالية، فلا يسأم القارئ من تكرارها لاستيعاب دقائقها والاستمتاع بموسيقاها الحلوة وقوافيها المحكمة، بل يجد فيها متعة الروح والعين والأذن! ولكن قارئه ينبغي أن يكون على مستوى مناسب من الثقافة والذوق والعلم حتى يستطيع فهم شعره المملوء بالمعارف التاريخية والعلمية والاصطلاحات والأحلام والتلميحات والإشارات.. أما القارئ العادي فيحتاج في فهمه إلى الحواشي والشروح.

2-سُولّي برودوم Sully Prudhomme (1839-1908)

درس العلوم أولاً ثم التفت إلى الشعر. ومن هنا تميز شعره المعبّر عن اللوينات العاطفيّة والنفسية بدقّة مدهشة. أما أسلوبه فكان في منتهى الصفاء والشفافية. وكان يرى أن الشعر يجب أن يكون صميميّاً وفلسفياً، وأنّ العالم الخارجي لا يكون ممتعاً وذا أهميّة إلا بمقدار ما يثير أفكارنا للبحث في ألغازه الرفيعة، ولهذا تجد في قصائده طابع التفلسف والرمز.

3-فرانسوا كوبيّه Franاois Coppee (1842-1908)

هو شاعر الذاتية العميقة وشاعر الناس البسطاء والأمور الحياتية المألوفة، الذي استطاع أن يجعل الأشياء العادية تسطع بعطرها النافذ اللطيف، والشعر، في رأيه، ليس بحاجة إلى الأبطال والأمور العظيمة بل إلى الإنسان من حيث هو كائن يحسّ ويتألم ويحزن ويفكر ويحب ويأمل.. وهذا يكفيه لأن يغدو مصدراً واسعاً للإلهام الشعري الحقيقيّ. إلاّ أن هذه الواقعية لا تعني الوقوف عند السطحيّات، بل لا بد من تعديها التماساً لموضع المأساة والجانب الفلسفي، إن ميزة كوبيّه في أنه -مع مجاراته لأمثال موسيّه وبرودوم -فتح المجال للواقعية الشعرية.

4-ألبير سامان Albert Samain(1858-1900)

هو شاعر اللطافة والرقة وبناء اللوحات الوصفية الرائعة وشاعر الواقعية الأخاذة، تميّز بتعبيره المخلص الحميم عن موضوعات الحزن والألم واستفاد من الرمز دون أن يفقد الوضوح

نصوص من الشّعر البرناسيّ

قلب هيالمار

من "أشعار بربرية" للشاعر لوكونت دوليل

"عثر الشاعر على أنشودة شعبية اسكاندنيافية تروى قصة موت المقاتل هيالمار في إحدى المعارك الذي صحا قبل موته وهو مثخنٌ بالجراح لينادي أحد الغربان ويعطيه خاتمه الذهبي ليقدمه إلى محبوبته. فتأثر دوليل بهذه القصة ونظمها في قصيدة.. لكنه يجعل هيالمار يرسل قلبه بدلاً من خاتمه".

الليلة قمراء، والثلج أحمر،

هناك، يرقد ألف بطلٍ دون قبور،

أيديهم على مقابض سيوفهم، وعيونهم مذعورة،

وفوقهم يحوّم وينعق سربٌ من الغربان

القمر يسكب على الأرجاء نوره الشاحب

وينهض هيالمار من بين الموتى مضرّجاً بالدماء،

معتمداً بكلتا يديه على سيفه المبتور،

وأرجوان المعركة يسيل من جانبيه،

يا هؤلاء! أَمَا من أحدٍ فيه رمقٌ من الحياة؟

بينَ كثير من الشبان المرحين الشجعان،

الذين كانوا في الصباح يضحكون ويغنون بملءِ أصواتهم،

مثل الشحارير في غيضةٍ كثيفة؟

لقد ماتوا جميعاً. وهذه خوذتي محطّمة،

ودرعي مخرّقة، نزعت مساميرها ضربات الفؤوس،

عيناي تدميان، لكني أسمع غمغمة واسعة،

تشبه زمجرة البحر وعواء الذئاب