كيف نرد هذه المقولة وما هو حكم من يقول
بها؟!
كما أن من هؤلاء من يقول: إن علياً رب
الأرباب..
ومنهم من يقول: إن المقصود بكلمة الحق
التي وردت في القرآن كله، هو على بن أبي
طالب وغير ذلك، مما أصبح متداولاً بين
الناس العاديين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإن إجابتنا على هذا السؤال تتلخص بما
يلي:
1ـ إنه كثيراً ما يكون إطلاق الاسم على
المسمى، بملاحظة وجود مقتضيه، أو من أجل
توفر القدرة لديه عليه، وإطلاق أسماء الله
تعالى عليه من هذا القبيل، فالله تعالى
خالق من حيث إنه قادر على الخلق، وهذه
القدرة كمال له تعالى، وهي موجودة فعلاً..
حتى لو لم يصدر منه الفعل الذي يكون من
آثارها، وهو سبحانه مدبر، ورحيم، وحكيم،
وحليم، و.. و.. الخ.. حتى قبل أن يخلق الخلق..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/صفحة 11/
وهذا نظير قولك: اشتريت مولِّد كهرباء، مع
أن الآلة التي اشتريتها لم تستعمل بعد، ولم
تولد شيئاً، لكن بما أن الاقتضاء
والاستعداد للتوليد كامن في عمق ذاتها، صح
لك أن تقول: مولِّد كهرباء..
وكذا الحال لو قلت عن حيوان: إنه مفترس،
فإن حالة الافتراس كامنة في عمق ذاته، وإن
لم يمارس ذلك فعلاً..
وإذا قلت عن آلة: إنها «مقراض» أو
«حاصدة»، أو ما إلى ذلك، فإنه يصح وصفها
وتسميتها بذلك قبل استعمالها، وذلك لأن
الوصف مأخوذ في الذات على نحو الأهلية
والاستعداد والاقتضاء.
وأما في الأسماء والصفات الإلهية، فإنها
تطلق على الذات الإلهية باعتبار أنها كمال
متحقق بالفعل في ذاته سبحانه، من حيث قدرته
على تلك الأمور، ولابد أن تؤثر هذه القدرة
آثارها حين يتوفر ما يبرر إعمالها..
فهو تعالى خالق، ورازق، ورب، ومدبر,
ورحيم، وحكيم، وحنان، ومنان، حتى قبل خلق
الخلق على معنى: قدرته على ذلك، من حيث
ألوهيته المطلقة تبارك وتعالى..
قال القاضي سعيد القمي في شرحه على
التوحيد ج1 ص166: «.. الخلق مظاهر لإحكام تلك
الأسماء، ومرايا هذه الكمالات، فالوجه
الحسن الجميل ثابت له الحسن والجمال، وان
لم يكن في الوجود مرآة، فليس هو سبحانه
بخلقه الخلق استحق معنى الخالق، ولا
بإحداثه البرايا استفاد معنى البارئ، بل
ذلك ثابت له أزلاً وأبداً».
وقال: « فخلق زيد الساعة لم يجعل خالقيته
من ابتداء هذه الساعة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/صفحة 12/
وليس هو في الزمان، وليس فعله في الزمان،
بل مخلوقه في الزمان، ولا يتفاوت عنده
الأزمنة.. فكون مخلوقه زمانياً لا يصير
سبباً لكون فعله زمانياً».
فاتضح أنه لا معنى للقول: إن ثبوت صفة
الخالقية، وسائر الصفات له تعالى ـ يستلزم
احتياجه تبارك وتعالى لما يكون طرفاً
للنسبة خارجاً، لكي يصح اتصاف الله جل
وعلا بهذه الأوصاف حقيقة وواقعاً..
وهذا يشبه من بعض الجهات ما يذكره العلماء
من أن مبدأ الاشتقاق قد يكون من الحِرَفِ،
أو الصناعات، أو الملكات، وقد يكون
مأخوذاً على نحو الصدور، بالإضافة إلى
حالات أخرى، لا حاجة للتعرض لها هنا..
فإذا أخذ على نحو الملكة مثلاً، فإن
التلبس بمبدأ الاشتقاق يكون فعلياً، وإن
لم يصدر عمن تلبس بالمبدأ أي فعل في الخارج
أصلاً..
غير أن الإضافة الوجودية في مثل الملكات،
والحِرَف والصناعات يحتاج إدراكها إلى
تحليل عقلي يقوم على ملاحظة التقدم
الرتبي. وهذا أمر آخر لا ربط له بما نحن
بصدد بيانه.
2 ـ أما ما ذكروه دليلاً على أن الأئمة هم
وسائط الفيض، فما هو إلا دليل عليل وهزيل،
ولا يستطيع وحده أن يكون مستنداً
للاعتقاد: بأن الأئمة عليهم السلام وسائط
لخلق الأشياء، إذ لا ملازمة بين تلك
المقدمات وهذه النتيجة، بل هو من قبيل
قولك: السماء تمطر فالنهار موجود.
فلابد من التماس دليل آخر على ذلك.
ونحن، وإن كنا لا نناقش في هذا الأمر إذا
كان مما تقتضيه حاجة المخلوقات، وكان من
مظاهر رحمة الله تعالى بها، ولها، ولكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
/صفحة 13/
معرفتنا بأن ذلك كذلك يحتاج إلى تعريف
ودلالة لأن توسيطهم في الفيض، هو من
الأفعال الإلهية، التي لا تعلم إلا إذا