فتح الباری شرح صحیح البخاری

شهاب الدین ابن حجر العسقلانی

جلد 11 -صفحه : 351/ 244
نمايش فراداده

باب صفة النار من طريق عطاء بن يسار عنه ولفظه فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم فقلت إلى أين قال إلى النار الحديث وبين في حديث أنس الموضع ولفظه ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني الحديث وفي حديث سهل ليردن علي أقوام اعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم وفي حديث أبي هريرة عند مسلم ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم الا هلم قوله فأقول يا رب أصحابي في رواية أحمد فلاقولن وفي رواية أحاديث الانبياء اصيحابي بالتصغير وكذا هو في حديث أنس وهو خبر مبتدأ محذوف تقديره هؤلاء قوله فيقول الله انك لا تدري ما أحدثوا بعدك في حديث أبي هريرة المذكور انهم ارتدوا على أدبارهم القهقري وزاد في رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أيضا فيقول انك لا علم لك بما احدثوا بعدك فيقال انهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا أي بعدا بعدا والتأكيد للمبالغة وفي حديث أبي سعيد في باب صفة النار أيضا فيقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي وزاد في رواية عطاء بن يسار فلا أراه يخلص منهم الا مثل همل النعم ولاحمد والطبراني من حديث أبي بكرة رفعه ليردن علي الحوض رجال ممن صحبني ورآني وسنده حسن وللطبراني من حديث أبي الدرداء نحوه وزاد فقلت يا رسول الله ادع الله ان لا يجعلني منهم قال لست منهم وسنده حسن قوله فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا إلى قوله الحكيم كذا لابي ذر وفي رواية غيره زيادة ما دمت فيهم والباقي سواء قوله قال فيقال انهم لم يزالوا مرتدين على اعقابهم وقع في رواية الكشميهني لن يزالوا ووقع في ترجمة مريم من أحاديث الانبياء قال الفربري ذكر عن أبي عبد الله البخاري عن قبيصة قال هم الذين ارتدوا على عهد أبي بكر فقاتلهم أبو بكر يعني حتى قتلوا وماتوا على الكفر وقد وصله الاسماعيلي من وجه اخر عن قبيصة وقال الخطابي لم يرتد من الصحابة أحد وانما ارتد قوم من جفاة الاعراب ممن لانصرة له في الدين وذلك لا يوجب قدحا في الصحابة المشهورين ويدل قوله اصيحابي بالتصغير على قلة عددهم وقال غيره قيل هو على ظاهره من الكفر والمراد بأمتي امة الدعوة لا امة الاجابة ورجح بقوله في حديث أبي هريرة فأقول بعدا لهم وسحقا ويؤيده كونهم خفي عليه حالهم ولو كانوا من امة الاجابة لعرف حالهم يكون اعمالهم تعرض عليه وهذا يرده قوله في حديث أنس حتى إذا عرفتهم وكذا في حديث أبي هريرة وقال بن التين يحتمل أن يكونوا منافقين أو من مرتكبي الكبائر وقيل هم قوم من جفاة الاعراب دخلوا في الاسلام رغبة ورهبة وقال الداودي لا يمتنع دخول أصحاب الكبائر والبدع في ذلك وقال النووي قيل هم المنافقون والمرتدون فيجوز ان يحشروا بالغرة والتحجيل لكونهم من جملة الامة فيناديهم من اجل السيما التي عليهم فيقال انهم بدلوا بعدك أي لم يموتوا على ظاهر ما فرقتهم عليه قال عياض وغيره وعلى هذا فيذهب عنهم الغرة والتحجيل ويطفأ نورهم وقيل لا يلزم أن تكون عليهم السيما بل يناديهم لما كان يعرف من اسلامهم وقيل هم أصحاب الكبائر والبدع الذين ماتوا على الاسلام وعلى هذا [IMAGE: 0x01 graphic] [ 334 ] فلا يقطع بدخول هؤلاء النار لجواز أن يذادوا عن الحوض اولا عقوبة لهم ثم يرحموا ولا يمتنع أن يكون لهم غرة وتحجيل فعرفهم بالسيما سواء كانوا فزمنه أو بعده ورجح عياض والباجي وغيرهما ما قال قبيصة راوي الخبر أنهم من ارتد بعده صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من معرفته لهم أن يكون عليهم السيما لانها كرامة يظهر بها عمل المسلم والمرتد قد حبط عمله فقد يكون عرفهم بأعيانهم لا بصفتهم باعتبار ما كانوا عليه قبل ارتدادهم ولا يبعد أن يدخل في ذلك أيضا من كان في زمنه من المنافقين وسيأتي في حديث الشفاعة وتبقى هذه الامة فيها منافقوها فدل على أنهم يحشرون مع المؤمنين فيعرف أعيانهم ولو لم يكن لهم تلك السيما فمن عرف صورته ناداه مستصحبا لحاله التي فارقه عليها في الدنيا وأما دخول أصحاب البدع في ذلك فاستبعد لتعبيره في الخبر بقوله أصحابي وأصحاب البدع انما حدثوا بعده وأجيب بحمل الصحبة على المعنى الاعم واستبعد أيضا انه لا يقال للمسلم ولو كان مبتدعا سحقا وأجيب بأنه لا يمتنع أن يقال ذلك لمن علم أنه قضى عليه بالتعذيب على معصية ثم ينجو بالشفاعة فيكون قوله سحقا تسليما لامر الله مع بقاء الرجاء وكذا القول في أصحاب الكبائر وقال البيضاوي ليس قوله مرتدين نصا في كونهم ارتدوا عن الاسلام بل يحتمل ذلك ويحتمل ان يراد انهم عصاة المؤمنين المرتدون عن الاستقامة يبدلون الاعمال الصالحة بالسيئة انتهى وقد اخرج أبو يعلى بسند حسن عن أبي سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر