فتح الباری شرح صحیح البخاری

شهاب الدین ابن حجر العسقلانی

جلد 11 -صفحه : 351/ 247
نمايش فراداده

في السرايا التي يبعثها الامير إلى جهة من الجهات للحرب وغيرها ومعناها هنا ميز أهل النار من غيرهم وانما خص بذلك آدم لكونه والد الجميع ولكونه كان قد عرف أهل السعادة من أهل الشقاء فقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء وعن يمينه أسودة وعن شماله أسودة الحديث كما تقدم في حديث الاسراء وقد أخرج بن أبي الدنيا من مرسل الحسن قال يقول الله لآدم يا آدم أنت اليوم عدل بيني وبين ذريتك قم فانظر ما يرفع إليك من اعمالهم قوله قال وما بعث النار الواو عاطفة على شئ محذوف تقديره سمعت وأطعت وما بعث النار أي وما مقدار مبعوث النار وفي حديث أبي هريرة فيقول يا رب كم اخرج قوله من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعين في حديث أبي هريرة من كل مائة تسعة وتسعين قال الاسماعيلي في حديث أبي سعيد من كل الف واحد وكذا في حديث غيره ويشبة أن يكون حديث ثور يعني راويه عن أبي الغيث عن أبي هريرة وهما قلت ولعله يريد بقوله غيره ما أخرجه الترمذي من وجهين عن الحسن البصري عن عمران بن حصين نحوه وفي أوله زيادة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فرفع صوته بهاتين الآيتين يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شئ عظيم إلى شديد فحث اصحابه المطي فقال هل تدرون أي يوم ذاك قالوا الله ورسوله اعلم قال ذاك يوم ينادي الله آدم فذكر نحو حديث أبي سعيد وصححه وكذا الحاكم وهذا سياق قتادة عن الحسن من رواية هشام الدستوائي عنه ورواه معمر عن قتادة فقال عن أنس أخرجه الحاكم أيضا ونقل عن الذهلي أن الرواية الاولى هي المحفوظة وأخرجه البزار والحاكم أيضا من طريق هلال بن خباب بمعجمة وموحدتين الاولى ثقيلة عن عكرمة عن بن عباس قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ثم قال هل تدرون فذكر نحوه وكذا وقع في حديث عبد الله بن عمر وعند مسلم رفعه يخرج الدجال إلى أن قال ثم ينفخ في الصور أخرى فإذا هم قيام ينظرون ثم يقال اخرجوا بعث النار وفيه فيقال من كل الف تسعمائة وتسعة وتسعون فذاك يوم يجعل الولدان شيبا وكذا رأيت هذا الحديث في مسند أبي الدرداء بمثل العدد المذكور رويناه في فوائد طلحة بن الصقر وأخرجه بن مردويه من حديث أبي موسى نحوه فاتفق هؤلاء على هذا العدد ولم يستحضر الاسماعيلي لحديث أبي هريرة متابعا وقد ظفرت به في مسند أحمد فإنه اخرج من طريق أبي إسحاق الهجري وفيه مقال عن أبي الاحوص عن عبد الله بن مسعود نحوه وأجاب الكرماني بأن مفهوم العدد لا اعتبار له فالتخصيص بعدد لا يدل على نفي الزائد والمقصود من العددين واحد وهو تقليل عدد المؤمنين وتكثير عدد الكافرين قلت ومقتضى كلامه الاول تقديم حديث أبي هريرة على حديث أبي سعيد فإنه يشتمل لعلي زيادة [IMAGE: 0x01 graphic] [ 338 ] فإن حديث أبي سعيد يدل على أن نصيب أهل الجنة من كل الف واحد وحديث أبي هريرة يدل على عشرة فالحكم للزائد ومقتضى كلامه الاخير أن لا ينظر إلى العدد أصلا بل القدر المشترك بينهما ما ذكره من تقليل العدد وقد فتح الله تعالى في ذلك بأجوبة اخر وهو حمل حديث أبي سعيد ومن وافقه على جميع ذرية آدم فيكون من كل الف واحد وحمل حديث أبي هريرة ومن وافقه على من عدا يأجوج ومأجوج فيكون من كل الف عشرة ويقرب ذلك أن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة ويحتمل أن يكون الاول يتعلق بالخلق أجمعين والثاني بخصوص هذه الامة ويقربه قوله في حديث أبي هريرة إذا اخذ منا لكن في حديث بن عباس وانما أمتي جزء من الف جزء ويحتمل أن تقع القسمة مرتين مرة من جميع الامم قبل هذه الامة فيكون من كل الف واحد ومرة من هذه الامة فقط فيكون من كل الف عشرة ويحتمل أن يكون المراد ببعث النار الكفار ومن يدخلها من العصاة فيكون من كل الف ستعمائة وتسعة وتسعون كافرا ومن كل مائة تسعة وتسعون عاصيا والعلم عند الله تعالى قوله فذاك حين يشيب الصغير وتضع وساق إلى قوله قوله شديد ظاهره ان ذلك يقع في الموقف وقد استشكل بأن ذلك الوقت لا حمل فيه ولا وضع ولا شيب ومن ثم قال بعض المفسرين ان ذلك قبل يوم القيامة لكن الحديث يرد عليه وأجاب الكرماني بأن ذلك وقع على سبيل التمثيل والتهويل وسبق إلى ذلك النووي فقال فيه وجهان للعلماء فذكرهما وقال التقدير ان الحال ينتهي إلى أنه لو كانت النساء حينئذ حوامل لوضعت كما تقول العرب أصابنا أمر يشيب منه الوليد وأقول يحتمل أن يحمل على حقيقته فإن كل أحد يبعث على ما مات عليه فتبعث الحامل حاملا والمرضع مرضعة والطفل طفلا فإذا وقعت زلزلة الساعة وقيل ذلك لآدم ورأى الناس آدم وسمعوا ما قيل له وقع بهم من الوجل ما يسقط معه الحمل ويشيب له الطفل وتذهل به المرضعة ويحتمل أن يكون ذلك بعد النفخة الاولى وقبل النفخة الثانية ويكون خاصا بالموجودين حينئذ وتكون الاشارة بقوله فذاك إلى يوم