نحو إتقان الکتابة باللغة العربیة

مکی الحسنی

نسخه متنی -صفحه : 291/ 269
نمايش فراداده

142- المثابة، بمثابة

كنت أوردتُ في الفقرة 65 استعمالات عصريةً لكلمة (المثابة) بمعنى (مَكانة، مَنْزِلة) واعترضتُ عليها استناداً إلى معنى هذه الكلمة الذي أورده (المعجم الوسيط).

وقد تبيّن لي أني لست أول المعترضين، إذ سبقني:

1- عبّاس أبو السعود في كتابه (أزاهير الفصحى).

2- محمد العدناني في (معجم الأخطاء الشائعة).

3- صلاح الدين الزعبلاوي في كلمة نشرتها جريدة (الثورة) الدمشقية بتاريخ 2/10/1983.

وسبب الانتقاد لدى الجميع، هو أن المعاني المعجمية لا تُسَوِّغ الاستعمال المعتَرَض عليه.

والحقيقة التي لا شكّ فيها- كما جاء في مقدمة الجزء الأول من (المعجم الكبير) الذي يُصْدره مَجْمع اللغة العربية بالقاهرة- هي أن (العربية ليست مقصورةً على ما جاء في المعجمات وحدها، بل لها مَظَانُّ أخرى يجب تَتَبُّعُها والأخذ عنها، وفي مقدمتها كتب الأدب والعلم.)

وبالفعل وقفتُ في أثناء مطالعاتي لبعض ما قاله أو كتبه عددٌ من البلغاء والفصحاء، على استعمال كلمة (المثابة) بِمَعَانٍ، منها ما لم يَرِد في المعاجم، وهذا ما يُوجِب إدخال المعاني غير المعجمية في المعاجم الحديثة.

· جاء في (المعجم الكبير): "المثابة: مجتمع الناس، الملجأ، المَرجِع، المنْزل، موضع حِبالة الصائد، الجزاء." ( للطاعة، أي المَثُوبة = الثواب).

وجاء فيه: "مثابة البئر: مبلغ جُمُوم مائها"، أي: منتهى تَجَمُّع مائها.

وفي التنْزيل العزيز: ?وإذ جعلنا البيت مثابةً للناس وأَمْناً? أي: مَرجعاً يثوبون إليه من كل جانب، كما جاء في (تفسير الجلالين).

· وجاء في (لسان العرب /جمم): "وفي حديث عائشة: بلغها أن الأحنف قال شِعراً يلومها فيه فقالت: سبحان الله، لقد استفرغَ حِلْمَ الأحنف هجاؤُه إيّاي، أَلِيَ كان يَسْتجِمُّ مثابةَ سَفَهِه؟ أرادت أنه كان حليماً عن الناس، فلما صار إليها سَفِهَ، فكأنه كان يُجِمُّ سَفَهَه لها، أي يُريحُه ويجمعه."