كتاب ضخم ، عداده في الموسوعات الكبرى ، جمع فيه النويري خلاصة التراث العربي في شقّيه ، الأدب والتاريخ ، وأنجزه قبل عام 721هـ في ثلاثين مجلدة تضم نيفًا وأربعة آلاف وأربعمائة صفحة ، وكان كما ذكر ابن كثير ينسخه بيده ويبيع منه النسخة بألف درهم . وقد ضاع الكتاب في القرون الأخيرة ، حتى عثر المرحوم أحمد زكي باشا على نسخة منه في إحدة مكتبات الأستانة ، فنقل منه صورة شمسة وحملها إلى القاهرة ، وتألفت لجنة لتحقيقه وطباعته ، فرغت من طباعة المجلد الأول منه عام 1920م وفرخت من طباعة الجزء قبل الأخير عام 1992م . وتأتي قيمة الكتاب في أنه نموذج فذ لترتيب التراث الأدبي ، وخاصة في أجزائه الإثنى عشر الأولى ، وما بعد ذلك يبدأ قسم التاريخ فيستوعب بقية أجزاء الكتاب الثلاثين ، ومنها الأجزاء 16 و 17 و 18 في السيرة النبوية ، وقد لخص النويري في كتابه حوالي ثلاثين كتابًا من كتب الأدب كالأغاني وفقه اللغة ومجمع الأمثال ومباهج الفكر وذم الهوى ، ونجد ملخص الأغاني كاملاً في الجزء الرابع والخامس من الكتاب ، كما نقف على ملخص مباهج الفكر في الجزء الثاني عشر منه . إضافة إلى تلك الملخصات نقل النويري من أكثر من 76 كتابًا ما بين مخطوط ومطبوع لكبار الأدباء والمنشئين والمؤرخين . بذلك نعلم أن فائدة الكتاب تنحصر فائدتين :
1 ـ الأجزاء الأخيرة من كتابه التاريخ ، وهي الأجزاء التي اعتمدها ابن تغري بردي في مشاهدات النويري .
2 ـ طريقة ترتيب التراث الأدبي للقرون السبعة التي سبقت مولد النويري . ونترك النويري يحدثنا عن هذه الطريقة بقوله :
( فامتطيت جواد المطالعة وركضت في ميدان المراجعة ، وحيث ذل لي مركبها ، وصفا لي مشربها ، آثرت أن أجرد كتابًا استأنس به وأرجع إليه وأعول فيما يعرض لي من المهمات عليه ، فاستخرت الله سبحانه وتعالى ، وأثبت منها خمسة فنون حسنة الترتيب ، بينة التقسيم والتبويب ، كل فن منها يحتوي على خمسة أقسام هي :
1 ـ السماء والأثار العلوية ، والأرض والمعالم السفلية .
2 ـ في الإنسان وما يتعلق به .
3 ـ في حياة الحيوان .
4 ـ النبات :
ويشتمل على قسم خاص في التداوي بها .
5 ـ التاريخ :
آخره الكلام على سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون . المرجع :
منهج النويري في كتابه نهاية الأرب ، د. عبد الحليم الندوي . المراجع العربية العامة والتراث ، د. عبد التواب شرف الدين ص 60 . ترجمة المؤلف النويري
677 ـ733هـ /
1278 ـ1333م أحمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الدائم القرشي التيمي البكري شهاب الدين النويري . عالم بحاث غزير الاطلاع ، نسبته إلى نويرة من قرى بني سويف بمصر ومولده ومنشؤه بقوص ، اتصل بالسلطان الملك الناصر ووكله السلطان في بعض أموره ، وتقلب في الخدم الديوانية ، وباشر نظر الجيش في طرابلس ، وتولى نظر الديوان بالدقهلية والمرتاحية ، وكان ذكي الفطرة ، حسن الشكل ، فيه أريحية وود لأصحابه . وله نظم يسير ونثر جيد ، ويكفيه أنه مصنف ( نهاية الأرب في فنون الأدب - ط ) كبير جدًا وهو أشبه بدائرة معارف لما وصل إليه العلم عند العرب في عصره ، ويقول فازيليف :
إن نهاية الأرب على الرغم من تأخر عصره يحوي أخبارًا خطيرة عن صقلية نقلها عن مؤرخين قدماء لم تصل إلينا كتبهم مثل ابن الرقيق وابن رشيق وابن شداد وغيرهم ، توفي في القاهرة . الفن الأول السماء القسم الأول في السماء وما فيها وفيه خمسة أبواب:
الباب الأول من القسم الأول من الفن الأول خلق السماء في مبدأ خلق السماء قال الله تعالى:
"أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها رفع سمكها فسواها وأغطش ليلها وأخرج ضحاها". والسماء تذكر وتؤنث. فشاهد التذكير قول الله "عز وجل":
"السماء منفطر به"؛ وقول الشاعر:
فلو رفع السماء إليه قوماً، لحقنا بالسماء مع السجاب! وشاهد التأنيث، قوله "تبارك وتعالى":
"إذا السماء انفطرت"؛ وقول الشاعر:
يا رب، رب الناس في سماته!