ولایة الأمر

محمد مهدی الآصفی

نسخه متنی -صفحه : 62/ 2
نمايش فراداده

ولاية الأمر العلامة الشيخ محمد مهدي الآصفي المركز العالمي للبحوث والتعليم الإسلامي (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) اصالة الحاكمية والسيادة في هذا الدين 1ـ اصالة الحاكمية في العقيدة الإسلامية هناك حقيقة فريدة في القرآن المكي والقرآن المدني على نحو سواء، يتولى القرآن المكي الجانب الاعتقادي منها يرسخها، ويتكفل القرآن المدني بالجانب العملي والتنفيذي منها وتلك الحقيقة هي حاكمية الله تعالى في حياة الإنسان... وتقوم هذه الحاكمية على تجريد الآخرين من السلاطين والحكام والآلهة من حق الولاية والحكم وتقرير المصير في حياة الناس. وهذان وجهان لقضية واحدة. ومن أعجب الأمور أن هذه الحقيقة بوجهيها كانت تملأ مشاعر المسلمين في نشأة هذا الدين الأولى، وكانت أول ما يستثير انتباه أعداء هذا الدين، وهي أكثر شيء في هذا الدين كلف الإسلام المسلمين جهد المواجهة ومعاناة الصبر على تحديات الأعداء. ورغم ذلك كله فان هذه الحقيقة لا تملك اليوم نفوس المسلمين ذلك الوضوح والاشراق. أن مفهوم (لا إله إلاّ الله) من أوضح المفاهيم في الإسلام، وأكثرها بداهة، وفي نفس الوقت من أكثر المفاهيم التي لابسها الغموض واصابها التعتيم الفكري والثقافي خلال تاريخنا المعاصر. فان مدلول هذه الكلمة هو تجريد الآلهة من غير الله تعالى من كل سلطان، وسيادة وولاية، وحاكمية في حياة الإنسان، وحصر الولاية والسلطان والحاكمية في الله تعالى. ولا نستطيع أن نفهم هذا (التجريد) و(الحصر) في كلمة (لا إله إلاّ الله إلاّ من خلال دراسة التصور الجاهلي للآلهة ودراسة الفهم القرآني للإلهة. ولما كان القرآن يطرح كلا التصورين فان بامكاننا ان نرجع الى القرآن الكريم في رسم كل من هاتين الصورتين: صورة (الإلة) في الذهنية الجاهلية وصورة (الإله) في التصور القرآني. ولنبدأ برسم صورة الإله في الذهنية الجاهلية. التصور الجاهلي للإله: يقول تعالى في تصوير التصورات الجاهلية عن (الإله): (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)^. (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ)^. (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ20 أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ21 إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد)^. (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)^. (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إلَه إِلاَّ هُوَ)^. (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ)^. هناك مجموعة من النقاط نستطيع ان نستخرجها من هذه الاضبارة من الآيات المباركات التي تعكس لنا التصور الجاهلي لـ(الإله): 1 ـ كان الناس في الجاهلية يعتقدون أن هذه الآلهة لها درجة من النفوذ والسلطان في هذا الكون، ولذلك كانوا يدعونها حين الضر والبأس، فهي تحسن وتسئ، ولها سلطان ونفوذ في الإسائة والإحسان الى الناس. (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ)^. ومن رد القرآن لهم نكتشف أنهم كانوا يعتقدون أن هذه الآلهة تضر وتنفع. (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ)^. 2 ـ كان الناس يلجأون اليهم ويطلبون منهم النصر والعز. 3 ـ يحكمون في حياة الناس، ويشرعون لهم، ويامرون وينهون، وينفذون امرهم ونهيهم في الناس. 4 ـ وكانوا يعتقدون أن الله تعالى هو القاهر لعباده فوق هذه الآلهة، وكانوا لا ينفون وجود الله تعالى، وانما يسلبون الله