قالَ: فَهُوَ ذا عِندَنا ما لَيسَ عِندَكُم، فَيَنبَغي لَنا أن نَبرأَ مِنكُم؟ قالَ: قُلتُ: لا، جُعِلتُ فِداكَ! قالَ: وَهُوَ ذا عِندَ اللَّهِ ما لَيسَ عِندَنا، أفَتَراهُ أطرَحَنا؟! قالَ: قُلتُ: لا وَاللَّهِ، جُعِلتُ فِداكَ! ما نَفعَلُ؟ قالَ: فَتَوَلَّوهُم، وَلا تَبرَؤوا مِنهُم؛ إنَّ مِنَ المُسلِمينَ مَن لَهُ سَهمٌ، وَمِنهُم مَن لَهُ سَهمانِ، وَمِنهُم مَن لَهُ ثَلاثَةُ أسهُم، وَمِنهُم مَن لَهُ أربَعَةُ أسهُم، وَمِنهُم مَن لَهُ خَمسَةُ أسهُمٍ، وَمِنهُم مَن لَهُ سِتَّةُ أسهُمٍ، وَمِنهُم مَن لَهُ سَبعَةُ أسهُمٍ؛ فَلَيسَ يَنبَغي أن يُحمَلَ صاحِبُ السَّهمِ عَلى ما عَلَيهِ صاحبُ السَّهمَينِ، وَلا صاحِبُ السَّهمَينِ على ما عليهِ صاحِبُ الثَّلاثةِ، وَلا صاحِبُ الثَّلاثَةِ على ما عَلَيهِ صاحِبُ الأَربَعَةِ، وَلا صاحِبُ الأَربَعَةِ عَلى ما عَلَيهِ صاحِبُ الخَمسَةِ، وَلا صاحِبُ الخَمسَةِ عَلى ما عَلَيهِ صاحِبُ السِّتَّةِ، وَلا صاحِبُ السِّتَّةِ عَلى ما عَلَيهِ صاحِبُ السَّبعَةِ.
وسَأَضرِبُ لَكَ مَثَلاً: إنَّ رَجُلاً كانَ لَهُ جارٌ -وَكانَ نَصرانِيّاً فَدَعاهُ إلَى الإسلامِ وَزَيَّنَةُ لَهُ، فَأَجابَهُ، فَأَتاهُ سُحَيراً فَقَرَعَ عَلَيهِ البابَ، فَقالَ لَهُ: مَن هذا؟ قالَ: أنَا فُلانٌ. قالَ: وَما حاجَتُكَ؟ فَقالَ: تَوَضَّأ وَالبَس ثَوبَيكَ، وَمُرَّ بِنا إلَى الصَّلاةِ. قالَ: فَتَوَضَّأ وَلَبِسَ ثَوبَيهِ وَخَرَجَ مَعَهُ. قالَ:
فَصَلَّيا ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ صَلَّيَا الفَجرَ، ثُمَّ مَكَثا حَتّى أصبَحا. فَقامَ الَّذي كانَ نَصرانِيّاً يُريدُ مَنزِلَهُ، فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ: أينَ تَذهَبُ! النَّهارُ قَصيرٌ، وَالَّذي بَينَكَ