شيخ كبير وقد نفد عمري ولا ينبغي أن أكون سبباً في حرمان قومي . فاستسلم للحجّاج ، فلمّـا رآه قال له : كنت أحبُّ أن أجد عليك سبيلا ، فقال له كميل : لا تبرق ولا ترعد ، فوالله ما بقي من عمري إلاّ مثل الغبار ، فاقض فإنّ الموعد الله عزّ وجلّ ، وبعد القتل الحساب . وقد أخبرني أمير المؤمنين أنّك قاتلي ، فقال الحجّاج : الحجّة عليك إذن ، فقال : ذلك إن كان القضاء لك ، قال : بلى ، اضربوا عنقه(1) .
8 ـ سعيد بن جبير : التابعي المعروف بالعفّة والزهد والعبادة ، وكان يصلّـي خلف الإمام زين العابدين ، فلمّـا رآه الحجّاج قال له : أنت شقي ابن كسير ، فقال : أُمّي أعرف باسمي منك . ثم بعد أخذ وردّ أمر الحجاج بقتله ، فقال سعيد : (وجّهتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السمّواتِ وَالأرضَ حنيفاً ـ مسلماً ـ وما أنا مِنَ المشركين)(2) .
فقال الحجّاج : شدّوه إلى غير القبلة ، فقال : (أينما تولّوا فثمَّ وَجهُ الله)(3) ، فقال : كبّوه على وجهه ، قال : (مِنْها خَلَقناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُم وَمِنْها نُخْرِجُكُم تارَة أُخرى) (4) . ثم ضربت عنقه(5) . وسيوافيك ما جرى على زيد بن عليّ من الصلب أيّام خلافة هشام بن
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17 : 149 ، الشيعة والحاكمون : 96 . (2) الأنعام : 79 . (3) البقرة : 115 (4) طه : 55 (5) سير أعلام النبلاء 4 : 321 ـ328 ، الجرح والتعديل 4 : 9 / 29 .