ابو بکر الصدیق

محمد الرضا

نسخه متنی -صفحه : 83/ 16
نمايش فراداده

تجهيز رسول اللّه ودفنه

- بعد أن بويع أبو بكر جهز رسول اللّه ودفن ليلة الأربعاء وقد غسّل في قميصه وغسّله العباس، والفضل وقُثَم ابنا العباس، وأسامة بن زيد، وشقران مولى رسول اللّه، وحضرهم أوس بن خَوْلى الأنصاري من بئر يقال لها الغَرس لسعد بن خثيمة بقباء، وكان العباس وابناه يقلبونه، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعلي يغسله وعليه قميصه، وهو يقول (بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيّاً وميتاً). وكفن في ثلاثة أثواب يمانية(1) بيض من كرسف (قطن) ليس في كفنه قميص ولا عمامة ولا عروة.

وبعد أن غسل رسول اللّه وكفن، وضع على سرير وأدخل عليه المسلمون أفواجا يقومون ويصلون عليه، ثم يخرجون ويدخل آخرون ولم يؤمهم في الصلاة عليه إمام حتى إذا فرغت الرجال دخلت النساء ثم دخل الصبيان.

وكان أول من دخل أبو بكر وعمر. فقالا: (السلام عليك أيها النبي.. ورحمة اللّه وبركاته) ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار قدر ما يسع البيت، فسلموا كما سلم أبو بكر، وعمر، وصفوا صفوفا لا يؤمهم عليه أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول اللّه: (اللّهم إنا نشهد أن قد بَلّغ ما أنزل عليه ونصح لأمته، وجاهد في سبيل اللّه حتى أعز اللّه دينه، وتمت كلماته فآمن به وحده لا شريك له. فاجعلنا يا إلهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى يعرفنا ونعرفه، فإنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما. لا نبتغي بالإيمان بديلا، ولا نشتري به ثمنا أبدا).

فيقول الناس آمين آمين، ثم يخرجون ويدخل غيرهم. ولما فرغوا نادى عمر حلوا الجنازة وأهلها.

ولما اختلفوا في موضع دفنه قال أبو بكر: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (ما مات نبي قط إلا يدفن حيث تقبض روحه) قال علي: وأنا أيضا سمعته، فرفع فراشه ودفن. ولما أرادوا أن يحفروا لرسول اللّه كان بالمدينة رجلان أبو عبيدة بن الجراح يضرح لأهل مكة، وكان أبو طلحة الأنصاري هو الذي يلحد لأهل المدينة. فجاء أبو طلحة وألحد لرسول اللّه، وجعل في قبره قطيفة حمراء كان يلبسها فبسطت تحته، وكانت الأرض ندية، ورش قبره صلى اللّه عليه وسلم بلال بتربة بدا من قبل رأسه وجعل عليه من حصباء العرصة(2) حمرا وبيضا، ورفع قبره عن الأرض قدر شبر، ونزل قبره علي، والفضل وقثم ابنا العباس، وشقران، وأوس بن خولى الأنصاري.

(1) وقيل: في ثلاثة أثواب سَحولية. وسحول - مثل رسول - بلدة باليمن يجلب منها الثياب.

(2) عرصة الدار: ساحتها وهي البقعة الواسعة التي ليس فيها بناء والجمع عراص وعرصات.