وكان يقول : « أما بعد ، فانا كنا في جاهليتنا ، قبل أن ينزل علينا الكتاب ، ويبعث فينا الرسول ، ونحن نوفي بالعهد ، ونصدق الحديث ، ونحسن الجوار ، ونقري الضيف ، ونواسي الفقير . فلما بعث الله تعالى فينا رسول الله ، وأنزل علينا كتابه ، كانت تلك الاخلاق يرضاها الله ورسوله ، وكان أحقّ بها أهل الاسلام ، وأولى ان يحفظوها ، فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا .
ثم ان الولاة ، قد أحدثوا أعمالا قِباحا لا نعرفها . من سنَّة تطفى ! وبدعة تحيى ! وقائل بحق مكذَّب ، وأثرة لغير تقى ، وأمين ـ مُستأثر عليه ـ من الصالحين . . » وكان يعيد هذا الكلام ويبديه !(1)
وكان أبو ذر ، ينكر على معاوية ، أشياء يفعلها ، فبعث اليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار !
فقال أبو ذر لرسوله : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا ، أقبلها ، وان كانت صلة ، فلا حاجة لي فيها . وردّها عليه (2) .
وكان أبو ذر يقول بالشام : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ، ولا في سنة نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والله إني لأرى حقا يطفأ ، وباطلا يحيا . . الخ . .
ولم يكن أبو ذر ، غريبا عن الشام ـ أرض الجهاد ـ على حد تعبيره ، وعن معسكر المسلمين هناك ، فقد اشترك في غزوة الصائفة ( الروم ) كما شارك في فتح قبرص ، وكان أحد الصحابة البارزين في تلك المعارك ـ كما مر معنا .
1 ـ المصدر السابق . 2 ـ شرح النهج 8 / 356 .