احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 175
نمايش فراداده

سهامهما بدخول أرض الحرب لانحيازه فيه الغنيمة والقتال إذ كان الدخول بمنزلة حيازة الغنائم وقتلهم وأسرهم ونظيره في الدلالة على ما ذكرنا قوله تعالى وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب فاقتضى ذلك اعتبار إيجاف الخيل والركاب في دار الحرب ولذلك قال علي رضي الله عنه ما وطئ قوم في عقر دارهم إلا ذلوا قوله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين روي عن ابن عباس أنه نسخ قوله انفروا ثبات أو انفروا جميعا وقوله انفروا خفافا وثقالا فقال تعالى ما كان لهم أن ينفروا في السرايا ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وحده ولكن تبقى بقية لتتفقه ثم تنذر النافرة إذا رجعوا إليهم وقال الحسن لتتفقه الطائفة النافرة ثم تنذر إذا رجعت إلى قومها المتخلفة وهذا التأويل أشبه بظاهر الآية لأنه قال تعالى نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين صلى الكلام يقتضي أن تكون الطائفة النافرة هي التي تتفقه وتنذر قومها إذا رجعت إليهم وعلى التأويل الأول الفرقة التي نفرت منها الطائفة هي التي تتفقه وتنذر الطائفة إذا رجعت إليها وهو بعيد من وجهين أحدهما أن حكم العطف أن يتعلق بما يليه دون ما يتقدمه فوجب على هذا أن يكون قوله منهم طائفة ليتفقهوا وقال أن تكون الطائفة هي التي تتفقه وتنذر ولا يكون معناه من كل فرقة تتفقه في الدين تنفر منهم طائفة لأنه يقتضي إزالة ترتيب الكلام عن ظاهره وإثبات التقديم والتأخير فيه والوجه الثاني أن قوله ليتفقهوا في الدين أنه أولى منه بالفرقة النافرة منها الطائفة وذلك لأن نفر الطائفة للتفقه معنى مفهوم يقع النفر من أجله والفرقة التي منها الطائفة ليس تفقهها وهو لأجل خروج الطائفة منها لأنها إنما تتفقه بمشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم ولزوم حضرته لا الطائفة نفرت منها فحمل الكلام على ذلك يبطل فائدة قوله تعالى ليتفقهوا في الدين فثبت أن التي تتفقه هي الطائفة النافرة من الفرقة المقيمة في بلدها وتنذر قومها إذا رجعت إليها وفي هذه الآية دلالة على وجوب طلب العلم وأنه مع ذلك فرض على الكفاية لما تضمنت من الأمر بنفر الطائفة من الفرقة للتفقه وأمر الباقين بالقعود لقوله كان المؤمنون لينفروا كافة وقد روى زياد بن ميمون عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب العلم فريضة على كل مسلم وهذا عندنا ينصرف على معنيين أحدهما طلب العلم فيما يبتلى به الإنسان من أمور دينه فعليه أن يتعلمه مثل من لا يعرف حدود الصلاة وفروضها وحضور وقتها فعليه أن يتعلمها ومثل من ملك مائتي