احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 180
نمايش فراداده

سورة هود

بسم الله الرحمن الرحيم عز وجل من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار فيه إخبار أن من عمل عملا للدنيا لم يكن له به في الآخرة نصيب وهو مثل قوله من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ومثله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بشر أمتي بالسناء والتمكين في الأرض فمن عمل منهم عملا للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب وهذا يدل على أن ما سبيله أن لا يفعل إلا على وجه القربة لا يجوز أخذ الأجرة عليه لأن الأجرة من حظوظ الدنيا فمتى أخذ عليه الأجرة فقد خرج من أن يكون قربة بمقتضى الكتاب والسنة وقيل في قوله إليهم أعمالهم فيها وجهان أحدهما أن يصل الكافر رحما أو يعطي سائلا أو يرحم مضطرا أو نحو ذلك من أعمال البر فيجعل الله له جزاء عمله في الدنيا بتوسعة الرزق وقرة العين فيما خول ودفع مكاره الدنيا روي عن مجاهد والضحاك والوجه الثاني من كان يريد الحياة الدنيا بالغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم للغنيمة دون ثواب الآخرة فإنه يستحق نصيبه وسهمه من المغنم وهذا من صفة المنافقين فإن كان التأويل هو الثاني فإنه يدل على أن الكافر إذا شهد القتال مع المسلمين استحق من الغنيمة نصيبا وهذا يدل أيضا على أنه جائز الاستعانة بالكفار في قتال غيرهم من الكفار وكذلك قال أصحابنا إذا كانوا متى غلبوا كان حكم الإسلام هو الجاري عليهم دون حكم الكفر ومتى حضروا رضخ لهم وليس في الآية دلالة على أن الذي يستحقه الكافر بحضور القتال هو السهم أو الرضخ قوله تعالى ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم لم به في أن الشرط المعترض حكمه أن يكون مقدما على ما قبله في المعنى وهو قول القائل إن دخلت الدار إن كلمت زيدا فعبدي حر أنه لا يحنث حتى