احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 183
نمايش فراداده

وقوله تعالى قالت يا ويلتئ ألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب فإنها مع علمها بأن ذلك في مقدور الله تعجبت بطبع البشرية قبل الفكر والروية كما ولى موسى عليه السلام مدبرا حين صارت العصا حية حتى قيل له إقبل ولا تخف إنك من الآمنين كان وإنما تعجبت لأن إبراهيم عليه السلام يقال إنه كان له في ذلك الوقت مائة وعشرون سنة ولسارة تسعون سنة قوله تعالى أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت على أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته لأن الملائكة قد سمت امرأة إبراهيم من أهل بيته وكذلك قال الله تعالى في مخاطبة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا إلى قوله وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قد دخل فيه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لأن ابتداء الخطاب لهن قوله تعالى فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط يعني لما ذهب عنه الفزع جادل الملائكة حتى قالوا إنا إرسلنا أبو إلى قوم لوط لنهلكهم فقال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله يروى ذلك عن الحسن وقيل إنه سألهم فقال أتهلكونهم إن كان فيها خمسون من المؤمنين قالوا لا ثم نزلهم إلى عشرة فقالوا لا يروى ذلك عن قتادة ويقال جادلهم ليعلم بأي شئ استحقوا عذاب الإستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أم على سبيل الإخافة ليقبلوا إلى الطاعة ومن الناس من يحتج بذلك في جواز تأخير البيان لأن الملائكة أخبرت أنها تهلك قوم لوط ولم تبين المنجين منهم ومع ذلك فإن إبراهيم عليه السلام جادلهم وقال لهم أتهلكونهم وفيهم كذا رجلا فيستدلون بذلك على جواز تأخير البيان وهذا ليس بشئ لأن إبراهيم سألهم عن الوجه الذي به استحقوا عذاب الإستئصال وهل ذلك واقع بهم لا محالة أو على سبيل التخويف ليرجعوا إلى الطاعة قوله تعالى أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء وإنما قيل أصلوتك تأمرك لأنها بمنزلة الآمر بالخير والناهي عن الشر كما قال تعالى الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وجائز أن يكون أخبرهم بذلك في حال الصلاة فقال أصلوتك تأمرك بما ذكرت وعن الحسن أدينك يأمرك أي فيه الأمر بهذا قوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار أو إلى الشئ هو السكون إليه بالأنس والمحبة فاقتضى ذلك النهي عن مجالسة الظالمين ومؤانستهم