احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 200
نمايش فراداده

صفة مؤمن وكافر لأن صفة مؤمن على الإطلاق صفة مدح وصفة كافر صفة ذو يتنافى استحقاق الصفتين معا على الإطلاق في حال واحدة قوله تعالى هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فيه بيان أنه مبعوث بدعاء الناس إلى الله عز وجل على بصيرة من أمره كأنه يبصره بعينه وأن من اتبعه فذلك سبيله في الدعاء إلى الله عز وجل وفيه الدلالة على أن على المسلمين دعاء الناس إلى الله تعالى كما كان على النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قوله تعالى أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى قيل من أهل الأمصار دون البوادي لأن أهل الأمصار أعلم وأحكم وأحرى بقبول الناس منهم وقال الحسن لم يبعث الله نبيا من أهل البادية قطولا من الجن ولا من النساء قوله تعالى حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا اليأس انقطاع الطمع وقوله كذبوا قرئ بالتخفيف وبالتثقيل فإذا قرئ بالتخفيف كان معناه ما روي عن ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير ومجاهد والضحاك قالوا ظن الأمم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروهم به من نصر الله تعالى لهم وإهلاك أعدائهم وروي عن حماد بن زيد عن سعيد بن الحبحاب قال حدثني إبراهيم بن أبي حرة الجزري قال صنعت طعاما فدعوت ناسا من أصحابنا فيهم سعيد بن جبير وأرسلت إلى الضحاك بن مزاحم فأبى أن يجئ فأتيته فلم أدعه حتى جاء قال فسأل فتى من قريش سعيد ابن جبير فقال له يا أبا عبد الله كيف تقرأ هذا الحرف فإني إذ أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السورة إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا قال نعم حتى إذا استيئس الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا مخففة فقال الضحاك ما رأيت كاليوم قط رجلا يدعى إلى علم فيتلكأ لو رحلت في هذا إلى اليمن كان قليلا وفي رواية أخرى أن مسلم بن يسار سأل سعيدا عنه فأجابه بذلك فقام إليه مسلم فاعتنقه وقال فرج الله عنك كما فرجت عني ومن قرأ كذبوا بالتشديد كان معناه أيقنوا أن الأمم قد كذبوهم فكذبنا عمهم حتى لا يفلح أحد منهم روي ذلك عن عائشة والحسن وقتادة آخر سورة يوسف