احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 202
نمايش فراداده

وجوده في حال الحمل وعدمه وقوله لما قيل النساء لزم في ذلك العموم لا معنى له لأنه قال النساء في المحيض وقوله في المحيض ليس فيه بيان أن الحيض ما هو ومتى ثبت المحيض وجب الإعتزال وإنما اختلفا أن الدم الخارج في وقت الحمل هل هو حيض أم لا وقول الخصم لا يكون حجة لنفسه وقوله إن الدم إذا خرج من فرجها فالحيض أولى به دعوى مجردة من البرهان ولخصمه أن يقول إن الدم إذا خرج من فرجها فغير الحيض أولى به حتى يقوم الدليل على أنه حيض لوجودنا دما خارجا من الرحم غير حيض فلم يحصل من جميع هذا الكلام إلا دعاوى مبنية بعضها على بعض وجميعها مفتقر إلى دليل يعضدها وقد روى مطر الوراق عن عطاء عن عائشة أنها قالت في الحامل ترى الدم إنها لا تدع الصلاة وروى حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال لا يختلف فيه عندنا عن عائشة أنها كانت تقول في الحامل تر الدم أنها تمسك عن الصلاة حتى تطهر وهذا يحتمل أن تريد به الحامل التي في بطنها ولد ان فولدت أحدهما أن النفاس من الأول وأنها تدع الصلاة حتى تطهر على ما يقول أبو حنيفة وأبو يوسف في ذلك حتى يصحح الخبرين جميعا عنها وعند أصحابنا أن الحامل لا تحيض وإن ما رأته من دم فهو استحاضة وعند مالك والشافعي تحيض فالحجة لقولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في سبايا أرطاس عمرو لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة والإستبراء هو معرفة براءة الرحم فلما جعل الشارع وجود الحيض علما لبراءة الرحم لم يجز وجوده مع الحبل لأنه لو جاز وجوده معه لم يكن وجود الحيض علما لبراءة الرحم ويدل عليه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم في طلاق السنة فليطلقها طاهرا من غير جماع أو حاملا قد استبان حملها فلو كانت الحامل تحيض لفصل بين جماعه وطلاقها بحيضة كغير الحامل وفي إباحته صلى الله عليه وسلم إيقاف الطلاق على الحامل بعد الجماع من غير فصل بينه وبين الطلاق بحيضة دلالة على أنها لا تحيض آخر سورة الرعد