احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 218
نمايش فراداده

ونحو الزنا ونحو ذلك مما فيه مظلمة لآدمي ولا يمكن استدراكه ومنها ما هو جائز له فعل ما أكره عليه والأفضل تركه كالإكراه على الكفر وشبهه قوله تعالى عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين روي عن الشعبي وقتادة وعطاء بن يسار أن المشركين لما مثلوا بقتلى أحد قال المسلمون لئن أظهرنا الله عليهم لنمثلن بهم أعظم مما مثلوا فأنزل الله تعالى هذه الآية وقال مجاهد وابن سيرين هو في كل من ظلم بغضب أو نحوه فإنما يجازى بمثل ما عمل قال أبو بكر نزول الآية على سبب لا يمنع عندنا اعتبار عمومها في جميع ما انتظمه الاسم فوجب استعمالها في جميع ما انطوى تحتها بمقتضى ذلك أن من قتل رجلا قتل به ومن جرح جراحة جرح به جراحة مثلها وإن قطع يد رجل ثم قتله أن للولي قطع يده ثم قتله واقتضى أيضا أن من قتل رجلا برضخ رأسه بالحجر أو نصبه غرضا فرماه حتى قتله أنه يقتل بالسيف إذ لا يمكن المعاقبة بمثل ما فعله لأنا لا نحيط علما بمقدار الضرب وعدده ومقدار ألمه وقد يمكننا المعاقبة بمثله في باب إتلاف نفسه قتل بالسيف فوجب استعمال حكم الآية فيه من هذا الوجه دون الوجه الأول وقد دلت أيضا على أن من استهلك لرجل مالا فعليه مثله وإذا غصبه ساجة فأدخلها في بنائه أو غصبه حنطة فطحنها أن عليه المثل فيهما جميعا لأن المثل في الحنطة بمقدار كيلها من جنسها وفي الساجة قيمتها لدلالة قد دلت عليه وقد دلت على أن العفو عن القاتل والجاني أفضل من استيفاء القصاص بقوله تعالى صبرتم لهو خير للصابرين آخر سورة النحل