احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 242
نمايش فراداده

قوله تعالى عنه اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا قيل فيه وجوه أحدها ما ألبسهم الله تعالى من الهيبة لئلا يصل إليهم أحد حتى يبلغ الكتاب أجله فيهم وينتبهوا من رقدتهم وذلك وصفهم في حال نومهم لا بعد اليقظة والثاني إنهم كانوا في مكان موحش من الكهف أعينهم مفتوحة يتنفسون ولا يتكلمون والثالث إن أظفارهم وشعورهم طالبت فلذلك يأخذ الرعب منهم قوله تعالى لبثنا يوما أو بعض يوم لما حكى الله ذلك عنهم غير منكر لقولهم علمنا أنهم كانوا مصيبين في إطلاق ذلك لأن مصدره إلى ما كان عندهم من مقدار اللبث وفي اعتقادهم لا عن حقيقة اللبث في المغيب وكذلك هذا في قوله الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم ولم ينكر الله ذلك لأنه أخبر عما عنده وفي اعتقاده لا عن مغيب أمره وكذلك قول موسى عليه السلام للخضر نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا في لقد جئت شيئا إمرا أي يعني عندي كذلك ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن حين قال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت قوله تعالى أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة الآية يدل على جواز خلط دراهم الجماعة والشرى بها والأكل من الطعام الذي بينهم بالشركة وإن كان بعضهم قد يأكل أكثر مما يأكل غيره وهذا الذي يسميه الناس المناهدة ويفعلونه في الأسفار وذلك لأنهم قالوا فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فأضاف الورق إلى الجماعة ونحوه قوله تعالى تخالطوهم فإخوانكم فأباح لهم بذلك خلط طعام اليتيم بطعامهم وأن تكون يده مع أيديهم مع جواز أن يكون بعضهم أكثر أكلا من غيره وفي هذه الآية دلالة على جواز الوكالة بالشرى لأن الذي بعثوا به كان وكيلا لهم الإستثناء في اليمين الله تعالى تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله قال أبو بكر هذا الضرب من الإستثناء يدخل لرفع حكم الكلام حتى يكون وجوده وعدمه سواء وذلك لأن الله تعالى ندبه الإستثناء بمشيئة الله تعالى لئلا يصير كاذبا بالحلف فدل على أن حكمه ما وصفنا ويدل عليه أيضا قوله عز وجل حاكيا عن موسى عليه السلام إن شاء الله صابرا فلم يصبر ولم يك كاذبا لوجود الإستثناء في كلامه فدل على أن معناه ما وصفنا من دخوله في الكلام لرفع حكمه فوجب أن لا يختلف حكمه في دخوله على اليمين أو على إيقاع الطلاق أو على العتاق وقد روى