احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 259
نمايش فراداده

وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد أن في الحج سجدة واحدة وقد روينا عن ابن عباس فيما تقدم أن في الحج سجدتين وبين في حديث سعيد بن جبير إن الأولى عزمة والثانية تعليم والمعنى فيه والله أعلم إن الأولى هي السجدة التي يجب فعلها عند التلاوة وإن الثانية كان فيها ذكر السجود فإنما هو تعليم للصلاة التي فيها الركوع والسجود وهو مثل ما روى سفيان عن عبد الكريم عن مجاهد قال السجدة التي في آخر الحج إنما هي موعظة وليست بسجدة قال الله تعالى اركعوا واسجدوا فنحن نركع ونسجد فقول ابن عباس هو على معنى قول مجاهد ويشبه أن يكون من روى عنه من السلف أن في الحج سجدتين إنما أرادوا أن فيه ذكر السجود في موضعين وأن الواجبة هي الأولى دون الثانية على معنى قول ابن عباس ويدل على أنه ليس بموضع سجود أنه ذكر معه الركوع والجمع بين الركوع والسجود مخصوص به الصلاة فهو إذا أمر بالصلاة والأمر بالصلاة مع انتظامها للسجود ليس بموضع سجود ألا ترى أن قوله أقيموا الصلاة ليس بموضع للسجود وقال تعالى مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين وليس ذلك سجدة وقال فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين وليس بموضع سجود لأنه أمر بالصلاة كقوله تعالى واركعوا مع الراكعين قوله تعالى مخلقة وغير مخلقة قال قتادة تامة الخلق وغير تامة الخلق وقال مجاهد مصورة وغير مصورة وقال ابن مسعود إذا وقعت النطفة في الرحم أخذها ملك بكفه فقال يا رب مخلقة أو غير مخلقة فإن كانت غير مخلقة قذفتها الأرحام دما وإن كانت مخلقة كتب رزقه وأجله ذكر أو أنثى شقي أو سعيد وقال أبو العالية غير مخلقة السقط قال أبو بكر قوله تعالى من مضغة مخلقة ظاهره يقتضي أن لا تكون المضغة إنسانا كما اقتضى ذلك في العلقة والنطفة والتراب وإنما نبهنا بذلك على تمام قدرته ونفاذ مشيئته حين خلق إنسانا سويا معدلا بأحسن التعديل من غير إنسان وهي المضغة والعلقة والنطفة التي لا تخطيط فيها ولا تركيب ولا تعديل للأعضاء فاقتضى أن لا تكون المضغة إنسانا كما أن النطفة والعلقة ليستا بإنسان وإذا لم تكن إنسانا لم تكن حملا فلا تنقضي بها العدة إذ لم تظهر فيها الصورة الإنسانية وتكون حينئذ بمنزلة النطفة والعلقة إذ هما ليستا بحمل ولا تنقضي بهما العدة بخروجهما من الرحم وقول ابن مسعود الذي قدمناه يدل على ذلك لأنه قال إذا وقعت النطفة في الرحم أخذها ملك بكفه فقال يا رب مخلقة أو غير مخلقة فإن كانت غير مخلقة قذفتها الأرحام دما فأخبر أن الدم