احکام القرآن

احمد بن علی جصاص

جلد 3 -صفحه : 577/ 260
نمايش فراداده

الذي تقذفه الرحم ليس بحمل ولم يفرق منه بين ما كان مجتمعا علقة أو سائلا وفي ذلك دليل على أن ما لم يظهر فيه شئ من خلاط الإنسان فليس بحمل وإن العدة لا تنقضي به إذ ليس هو بولد كما أن العلقة والنطفة لما لم تكونا ولدا لم تنقض بهما العدة وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا سفيان عن الأعمش قال حدثنا زيد بن وهب قال حدثنا عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث إليه ملك فيؤمر بأربع كلمات فيكتب رزقه وأجله وعمله ثم يكتب شقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون أربعين يوما نطفة وأربعين يوما علقة وأربعين يوما مضغة ومعلوم أنها لو ألقته علقة لم يعتد به ولم تنقض به العدة وإن كانت العلقة مستحيلة من النطفة إذ لم تكن له صورة الإنسانية وكذلك المضغة إذا لم تكن لها صورة الإنسانية فلا اعتبار بها وهي بمنزلة العلقة والنطفة ويدل على ذلك ايضا أن المعنى الذي به يتبين الإنسان من الحمار وسائر الحيوان وجوده على هذا الضرب من البنية والشكل والتصوير فمتى لم يكن للسقط شئ من صورة الإنسان فليس ذلك بولد وهو بمنزلة العلقة والنطفة سواء فلا تنقضي به العدة لعدم كونه ولدا وأيضا فجائز أن يكون ما أسقطته مما لا تتبين له صورة الإنسان دما مجتمعا أو داء أو مدة فغير جائز أن نجعله ولدا تنقضي به العدة وأكثر أحواله احتماله لأن يكون مما كان يجوز أن يكون ولدا ويجوز أن لا يكون ولدا فلا نجعلها منقضية العدة به بالشك وعلى أن اعتبار ما يجوز أن يكون منه ولدا أو لا يكون منه ولدا ساقط لا معنى له إذ لم يكن ولدا بنفسه في الحال لأن العلقة قد يجوز أن يكون منها ولد وكذلك النطفة وقد تشتمل الرحم عليهما وتضمهما وقد قال صلى الله عليه وسلم إن النطفة تمكث أربعين يوما نطفة ثم أربعين يوما علقة ومع ذلك لم يعتبر أحد العلقة في انقضاء العدة وزعم إسماعيل بن إسحاق أن قوما ذهبوا إلى أن السقط لا تنقضي به العدة ولا تعتق به أم الولد حتى يتبين شئ من خلقه يدا أو رجلا أو غير ذلك وزعم أن هذا غلط لأن الله أعلمنا أن المضغة التي هي غير مخلقة قد دخلت فيما ذكر من خلق الناس كما ذكر المخلقة فدل ذلك على أن كل شئ يكون من ذلك إلى أن يخرج الولد من بطن أمه فهو حمل وقال تعالى الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن والذي ذكره إسماعيل ومعلوم إغفال منه لمقتضى الآية وذلك لأن الله لم يخبر أن العلقة